النواحي الجوهرية. وهكذا فالحكومة الأولى تحكم من خلال تدخل ما يعرف باسم الديوان الذي يفيد كثيرا في ضبط سلطته وتقليص صلاحياته. أما في (مسقط) وعلى الرغم من أن الأمير قانع في ترك النظر في الدعاوى الخاصة بالقضايا المدنية إلى قرار القاضي ، فإنه في مثل هذه الحالات التي تتطلب تدخله ، يمتلك ممارسة إرادته الحرة تماما.
والحكم الذي يمارس حاليا على مقاطعات (عمان) والخاضعة لتبدل إمام (مسقط) ربما كان أكثر اعتدالا من أي حكم آخر في الجزيرة العربية أو أي سلالة وطنية في الشرق. لكن بالرغم من كل قدرات الإمام ، فإن حكومته تعرضت في أكثر من مناسبة لأعظم المخاطر. فقد كان أقرباؤه المستاءون دوما والمتطلعون باستمرار إلى أي مسوغ لإقرار حبهم الموروث للنزاع ، يتحينون الفرص عند ما يغيب في (زنجبار) لتطبيق ما يراودهم من أفكار. وقد لو حظ توا انفصال (صحار) والمقاطعات الشمالية : في سنة (١٨٢٩) استولت جماعة يتزعمها ابن عمه على مدينة (مسقط) (١) ، إلا أن الحكومة البريطانية بعثت برسالة على الفور إلى الإمام تخبره فيها بما يدور ، وأنها على استعداد مع سفنها ورجالها لمساعدته في استعادتها. وكان إعلان هذا البيان كافيا لوقف تقدم المتمردين واستسلم قادتهم لدى وصول الإمام وطلبوا منه الرحمة. أعتقد أن سجن ابن عم الإمام مدة أسبوع كان يمثل أقسى عقاب يوقعه بأي شخص. وتبدو هذه الأمور الشاذة لصيقة بالحكومات الإسلامية والشرقية (٢). فما يكاد الطفل يكبر حتى يتآمر على والده. ولما كان تعدد الزوجات يؤدي إلى إثارة الفوضى فيما يخص نظام الوراثة ، الذي هو نظام موروث اسميا في هذا الجزء كما في أجزاء أخرى ، فإن المدعين المتنافسين ينشدون من خلال الدسائس إقامة حجتهم وتعزيزها منذ فترة مبكرة وقبل أن يموت الأمير الحاكم. وما إن يموت هذا الأمير حتى تنشأ حالة عامة من النزاع والصراع. ويقوم البدو بتأجير أنفسهم لمختلف الجماعات ويستمر النزاع حتى يفوز بالجائزة من هو أكثر مهارة وقوة من منافسيه. وبعد ذلك يتم تعويض
__________________
(*) كذا في الأصل ولعله يشير إلى ثورة حمود بن عزان وهجمومه على مسقط عام ١٨٣١.
(**) هذا إلصاق شاذ من المؤلف دفعه إليه تعصبه العرقي والديني ومن يستقري تاريخ السلالات التي حكمت أوروبا قديما يجد ما هو أقسى وأشد.