ظهر القرآن الكريم بالخط الكوفي صعب على أهل اليمن قراءته بها (١). ومما يدعو إلى الأسف أننا لا نملك أي كتابات من البلاد التي يمكن أن تقرر هذه النقاط. وقد صب (نيبور) اهتمامه عليها على الرغم من أنه لم يستطع خلال إقامته هناك الحصول على أي منها. وقد عرضت عليه بعض الكتابات في (المخا) وكانت استنسخت على بعد مسافة من الساحل ، إلا أن مرضه جعله يدرك أنه كان أكثر اهتماما بالأفكار الخاصة بالغاية النهائية وليس رغبته في استنساخ كتابات مجهولة. بيد أنه يخمن من خلال الذكريات ليس إلا بأنها قد تكون فارسية أو أن حروفها تتميز برؤوس مدببة تشبه السهام. إلا أنه لا يمكن ملاحظة أي شبه بينها وبين الكتابة التي عثر عليها (سيتزان) في طريقه إلى (صنعاء) ولا حتى بينها وبين أي كتابة أخرى ذكرتها. وبسبب الموقع الذي وجدت علية الكتابة الأخيرة ، ولأسباب أخرى ، فإنني أملك الجرأة على القول بأنها هي والكتابة التي اكتشفناها عند (حصن الغراب) إنما هي الكتابة الحميرية المفقودة. وإذا ما ثبتت صحة ذلك فإن التشابه مع الكتابة الأثيوبية ليس حدسيا طالما يمكن ملاحظة التشابه التام في العديد من الصفات. إنني لست عليما بأدب الشرق على نحو يمكنني من متابعة الموضوع متابعة أكبر ، والملاحظات الوارد ذكرها أعلاه أقدمها على حياء. وقد تم تصوير هذه الكتابات وأرسلت إلى (جيسينيوس) في مدينة (هال) وفي الوقت الذي تشغل فيه كل اهتمامه ، فإننا نستطيع أن نأمل بأن النتيجة ستكون تفسيرا ناجحا.
إن (نقب الهجر) تقع في الجهة الشمالية الغربية على مسافة ثمانية وأربعين ميلا في قرية (عين) التي تبدو مؤشرة على الخارطة عند خط العرض ١٤ درجة ودقيقتين شمالا وخط الطول ٤٦ درجة و ٣٠ دقيقة شرقا تقريبا. وتتوسط واد عظيم يطلق عليه سكان المنطقة اسم (وادي ميفعة) الذي يعد بسبب خصوبته أو سكانه أو سعته أبرز الملامح الجغرافية التي تم لنا اكتشافها حتى الآن على ساحل الجزيرة العربية الجنوبي. ويبلغ طول الوادي من بدايته عند ساحل البحر وحتى بلدة (حبّان) خمسة وسبعين ميلا أي ما يقارب مسيرة أربعة أيام.
__________________
(*) كيف يكون ذلك ، فالخط الكوفي تطور على يد اليمنيين الذين سكنوا الكوفة لأن ذلك الخط كان يقسم بالتربيع المعروف في خط المسند اليمني المألوف لديهم كما أن لغة عرب الشمال كانت قد انتشرت في اليمن منذ القرن الثاني الميلادي وشاع استعمالها باستقرار قبلائل كندة وقد حج والأزد وقضاعة ومراد وغيرها في كل أنحاء اليمن منذ نهاية القرن الثالث الميلادي.