الجزء الأعظم من البلاد يخلو من غدران الماء الجارية على السطح ولهذا بحث العرب عن الينابيع وعيون الماء تحت الأماكن المرتفعة. ولا أعرف بأي أسلوب استطاعوا أن يكشفوا فيها عن هذا الماء ، لكن يبدو أنه ينحصر بطبقة معينة من الرجال الذين يقومون بالتجوال في البلاد لهذا الغرض. وقد وجدت بعض هذه الينابيع يغور إلى عمق أربعين قدم ومن فتحة العين أو الينبوع هذه يتم حفر قناة تتجه صوب المكان المطلوب مع ترك فتحات على مسافات متساوية للسماح بنفاذ الضوء والهواء إلى الأشخاص الذين يرسلون بين الفينة والفينة للمحافظة على نظافتها. وبهذا الطريقة يأخذ الماء بالجريان من مسافة تقدر بستة أو ثمانية أميال ويتم الحصول على كميات غير محدودة. ويقدر عرض هذه القنوات بحوالي أربع أقدام وعمقها بقدمين وتحتوي على جدول ماء سريع الجريان ونظيف وتحتوي القليل من هذه المدن الكبيرة أو الواحات على أربعة أو خمسة وهاد أو أفلاج تجري في داخلها. وبهذا تمتلك الأراضي المعزولة التي ينقل إليها الماء بهذه الوساطة على تربة غاية في الخصوبة بحيث أن كل أنواع الحبوب أو الفواكه أو الخضروات المعروفة في الهند أو الجزيرة العربية أو بلاد فارس تنمو هنا في نفس الوقت. ولم تعد الحكايات التي تدور عن الواحات من قبيل المبالغات لأن خطوة واحدة تنقل المسافر من وهج الصحراء ورمالها إلى طريق خصب ترويه مئات الجداول الصغيرة وتحتشد فيه أنواع الخضروات والنباتات وتظلله أشجار باسقة تحجب تماما أشعة شمس الظهيرة القاسية. وأشجار اللوز والجوز والتين ذات أحجام كبيرة أما عناقيد الفواكه فتنمو بكثافة في أشجار البرتقال والليمون حتى أنني لا أصدق بإمكانية جمع عشرها فقط. وفوق هذا كله تنمو أشجار النخيل باسقة مضيفة ظلالها إلى المشهد المعتم. وربما أمكن تكوين فكرة عن كثافة هذا الظل من خلال الأثر الذي يحدثه في تقليل الإشعاع الأرضي. فالمحرار الموجود داخل البيت ويشير إلى ٥٥ درجة فهرنهايت وهو على بعد ست بوصات من الأرض ، ينخفض إلى ٤٥ درجة فهرنهايت. ولهذا السبب ، ولتوفر المياه بكميات كبيرة ، فإن المكان مشبع بالرطوبة ، وحتى في حرارة النهار ، يتصف ببرودة رطبة. والحق أن مثل هذه البقاع توفر مشهدا فريدا وغريبا لا يوازيه أي مشهد آخر في مختلف أنحاء العالم ولا يمكن أن نعطي فكرة واضحة عن هذا الأمر أكثر من النظر إلى قائمة المنتجات التي تنمو بأنواع مختلفة معا فوق ارض لا يتجاوز قطرها أكثر