حصونا منيعة في النزاعات الداخلية أو الغزوات الأجنبية. وتوجد في العديد منها آبار ماء وفيها مؤن كافية ، ولهذا ، فإن هذه الأبراج تستطيع المقاومة زمنا طويلا في بلاد قلما تستخدم فيها المدفعية. هذا وتشتهر (إبرا) بجمال فتياتها وبياض بشرتهن. واللواتي رأيناهن في الشارع قلما أظهرن الخجل. ولدى عودتي إلى خيمتي وجدتها تحتشد بالعديد منهن. وكن في حالة جذل شديد لما يرون من حولهن. فقد قلبن كل صندوق من ممتلكاتي لمعرفة ما فيه ، وكلما أظهرت محاولة لمقاومة ما يقمن به ، يضعن أيديهن فوق فمي لإسكاتي. جلس (سيف) في إحدى الزوايا وظل ساكنا وبدا عليه الهلع تماما مما يراه أمامه. وفي إحدى المرات ، فاق مزاحهن العابث حدود صبره ، وكان يوشك أن يستخدم سوطه في تفريقهن بكل قسوة لو لا أن منعته من ذلك ، وعند حلول المساء انصرفت السيدات الجميلات وامتلأ المكان بزوار أقل إثارة للمتعة بكثير وكانوا من الملالي الكبار في السن المتعصبين علاوة على بعض الشبان الأجلاف المثيرين للإزعاج. تخلصت من الملالي ـ الذين جاءوا بهدف الجدل ـ بالموافقة على كل ما قالوه ، في حين أفلح نفوذ (سيف) في خلاصي من المجموعة الثانية.
بعد أن عرفت خط التصنيف أننا في خط العرض ٢٢ درجة و ٤١ دقيقة غادرنا مخيمنا. وفي أثناء مرورنا بالبلدة ، نهض العديد من المتشردين ـ يساعدهم في ذلك كل الأطفال ، واخذوا يصيحون بأعلى أصواتهم وضربونا بالحجارة حتى إن حجرا أصاب ذراعي. وعندئذ التفت إلى جماعة من كبار السن وسألتهم إن كانت البلدة هي بلدة (السيد سعيد) ، وبذلوا محاولة للتدخل ، ولكن بدا عليهم حقا أنهم كانوا مستمتعين وليسوا مستاءين بالتظاهرة. وفي نهاية المطاف ، داهمني الخوف على خدمي الذين كانوا يسيرون على بعد مسافة مني إلى الوراء وفكرت في الانضمام إليهم. ورآني الناس وأنا أحمل السلاح وظنوا أنني سألجأ إلى استخدامه فما كان منهم إلا أن فروا في كل الاتجاهات. استفدنا من هذا الهلع الذي دب فيهم ووصلنا البوابة ولم يحاولوا اللحاق بنا. إن مثل هذه الاضطرابات هي التي تزرع كل الخوف في نفس الرحالة ، لان الدهماء إذا ما تجمعوا في مدينة من مدن الشرق سرعان ما يقومون بأعمال عنف ، إلا أنني يجب أن أقر بأن هذا هو المكان الوحيد الخاضع لسلطة الإمام ولم أحظ فيه باهتمام شديد. ولو كان الشيخ معنا لما جرت إهانتنا بهذا الشكل.