أما الجزء الثاني من كتابه فقد تناول فيه وصفا تفصيليا لمسوحاته لسواحل البحر الأحمر بوجه عام وساحله الشرقي بوجه خاص بدءا من السويس والطور وخليج العقبة وانتهاء بباب المندب. ثم عرّج المؤلف في الفصول الأخيرة من كتابه على السواحل الجنوبية لشبه الجزيرة العربية فوصف عدن وبلاد الفضلي وساحل شقرة وأحور ثم حصن الغراب والمكلا والشحر وقشن ومرباط وأورد بعض المعلومات المضطربة عن مدن واحدي حضر موت.
والكتاب في مجمله يحتوي على معلومات مسحية وجغرافية وآثارية مهمة وجديدة بالنسبة لعصر المؤلف وقد حاول المؤلف أن يعطي لقرّائه الإنطباع بأنه باحث متعمق في كل جوانب الدراسات المتعلقة ببلاد العرب والشرق عموما من خلال عدم اكتفائه بتناول الوصف الجغرافي والسكاني فحسب بل الخوض في مسائل العقائد والمذاهب والعادات والتقاليد والتاريخ والأنساب غير أن جهله بمرتكزاتها وخلفياتها قاده إلى ارتكاب أخطاء جسيمة وجعله عرضة لنقد عنيف من رفاقه ومعاصريه ولا حقيه. فقد كانت معرفته باللغة العربية ضعيفة كما كان حاد الطبع وشديد البخل في تعامله مع مرافقي رحلاته من المحليين. كما اتهّم بنسبة إسهامات رفاقه مثل وا يتلوك وهلتون وكرتندن إلى نفسه وغمط مشاركاتهم في انجاز بعض المسوحات والاستكشافات. وهذا لا يعني أنه لم يقدم شيئا يستحق الثناء لكنه رغم تهيؤ الظروف له بشكل استثنائي وحصوله على الدعم الكبير من سلطان عمان إلا أن ما أنجزه لا يجعله في مرتبة سابقيه مثل نيبور وبوركهات وسيتزن ، فقد جاء المؤلف إلى جزيرة العرب حاملا في رأسه صورة نمطية مترسخة في عقله ترسم العربي كبدوي يسكن الخيام ويجوب الصحراء على ظهر جمله ، بدائي في تفكيره وسلوكه وجاهل في عقيدته مقارنة بالغربي المتحضر والمستنير.
وعموما فالرحالة الغربي خلال تجواله في بلاد العرب قد ينجح في التنكر والتخفي من حيث الاسم واللبس والمظهر واللغة والديانة إلا أنه غالبا ما يفشل في فهم واستيعاب وتقبل الآخر وحضارته وعقديته ، ويصعب عليه النظر إلى ذلك الآخر دون اختزاله أو التقليل من شأنه.