أن يؤدي دوره مثلما يؤديه أفضلنا. ولدى عودتي إلى الخيمة وجدت ، كما هو مألوف ، حشدا غفيرا وقد تجمّع فيها لكن النظام كان سائدا بينهم بفضل صبي لا يتجاوز الثانية عشرة من عمره ، كان لوالده نفوذ واسع في هذه البقاع ولكنه لقي مصرعه قبل سنوات قليلة على أيدي البدو. كان الفتى قد استولى على خيمتنا وحال دون دخول أي من أبناء بلده إليها إلا بإذنه وكان يحمل سيفا أطول من قامته وعصا كان يضعها إلى جواره بين الفينة والفينة. سررت كثيرا بهذا الفتى وبجاذبيته وأهميته وخاصة بعد أن بدا عالما بكل أعداد القبائل ومصادرها وتوزيعها. وكان حديثه في هذه الأمور وغيرها من الموضوعات حديثا طلقا لا يشوبه الحرج وعلى درجة عالية من الإمتاع. ويمكن على وجه العموم ملاحظة أن العرب ، لا سيما البدو ، يتركون أولادهم ليشاركوهم ثقة الرجال ومجالسهم منذ وقت مبكر. كما لاحظت في العديد من المرات الأخرى أن شبانهم يمارسون تأثيرهم على نحو يبدو عندنا مناف للعقل. إن جزءا من نظامهم التعليمي يتمثل في عدم معاملتهم كأطفال منذ وقت مبكر ولهذا السبب ترى هؤلاء يكتسبون رزانة الرجال وحسن سلوكهم في سن يكون فيها أولادنا منشغلين بالسعي وراء أمور عابثة ويتعرضون للضرب والتأديب كي يسلكوا سلوكا محتشما.
آثرت هذا المساء إمتاع الحاضرين المجتمعين بتجربة (بروس) الخاصة بإشعال شمعة خلال جزأين من لوح خشبي بسماكة إنش عند ما اقترحت عليهم اللعبة أعلنوا أن ذلك مستحيل ووافقهم رأيهم هذا صديقنا الصبي. لكن في وسعنا أن نغفر لهم عدم تصديقهم ودهشتهم ، فبعد نجاح اللعبة تجدنا نفكر بأن سنوات عديدة لم تمض بعد على ارتياب كل إنكلترا المتنورة باحتمال نجاح التجربة هذه ، وإن قصة (بروس) عن لعبة مشابهة كانت تعزى إلى «حبه للمعجزات».
السبت ، التاسع عشر من ديسمبر / كانون الأول : شرعنا بتقويض الخيمة وبعد معرفة المدى ، انطلقنا في الساعة الواحدة من بعد الظهر برفقة الشيخ وعدد من الحراس يقدرون بحوالي عشرين رجلا. واصلنا طريقنا على امتداد الوادي وفي غضون أربعين دقيقة وصلنا إلى (أم عسير) حيث توجد فيها قلعة وبيوت قليلة.
وفي الساعة الثالثة وصلنا إلى ممر يطلق عليه اسم عرف Urif ينحدر إلى أسفل واد ضيق