من بستان وبلدة (سمد) وفي الساعة الواحدة والنصف نصبنا خيمتنا على امتداد جدول ماء جميل يبعد مسافة بضع ياردات عن الأشجار.
الأربعاء ، السادس عشر من ديسمبر / كانون الأول : واحة (سمد) من الواحات الكبيرة لكن عدد سكانها لا يزيد عن الأربعمائة شخص حاليا. وهي مسقط رأس دليلي ورفيقي القديم (سيف) ووجدت لأسفي الشديد ، إنه سيتركني في هذا المكان. وفي المساء انضمّ إليّ على نحو لم أتوقعه الملازم (وايتلوك) الذي كان يقوم برحلته لتعلم العربية. واتفقنا على مواصلة السير معا لان ذلك يلائم هدفينا. وكان هو يرتدي الزي العربي في حين احتفظت أنا بالزي الإنكليزي (١).
الخميس ، السابع من ديسمبر / كانون الأول : زرنا بيت الشيخ بناء على دعوة لتناول طعام الفطور. كان البيت عبارة عن قلعة كبيرة متينة البنيان شيدت بنفس المواد التي تشيد بها البيوت الأخرى. كانت الغرف واسعة وعالية السقف لكنها تخلو من أي أثاث. وكانت الملابس والسروج وأغطيتها المزركشة معلقة بمشاجب بارزة عن الحائط بمقدار قدمين. وكانت السقوف مصبوغة بألوان متعددة ، أما الأرضية فمن الطين ولا تغطيها الحصران إلا جزئيا. وكانت النوافذ مزودة بقضبان حديد بدلا من أن تكون مزينة بأعمال زخرفة خشبية. وفي الليل ولوقاية النزلاء من قسوة الريح ، تغلق هذه النوافذ بشراعات خشبية. المصابيح مصنوعة من المحار وثمة ضرب من الرخويات البحرية تتدلى من السقف بشكل خطوط. إن كل شيء في هذا المكان يختلف عما شاهدته في أي جزء أخر من أجزاء جزيرة العرب. كان طعامنا سخيا وكثيرا. لكن بما أن العرب كانوا يتقيدون كثيرا بقوانين الضيافة فقد تطلب منا أن نتوسل كثيرا لإقناع مضيفنا وهو رجل كريم المحتد ، بأن يجلس بيننا. ويرجع هذا إلى اعتقاد سائد مفاده أنه إذ ما شارك الضيوف وجبة الطعام ، فإنه لن يكون لديه الوقت أو المزاج للسهر على متطلبات ضيوفه ولهذا السبب أصرّ على خدمتنا. ولم يقتنع بالانضمام إلينا إلا بعد أن أخبرته بأننا لن نبدأ تناول الطعام ما لم يشاركنا فيه ، وعندئذ تصورنا أن في مستطاعه
__________________
(١) الطريق الذي سلكه وايتلوك مثبت على الخارطة ، وهو يمتد بمحاذاة طريق ضيقة أخرى تمتد عبر براري جبلية. وقد مرّ ببعض المناطق التي يزرع فيها التمر ، إلا أن البلاد ، على وجه العموم ، عبارة عن أراض قفر تخلو من المياه.