(الباطنة) و (بدية) صحي إلا أنّ (نجد) في هذا الصدد ، أفضل من أي مكان آخر في عموم جزيرة العرب. اكتشفنا اقتراب بعض البدو منا عند ما بدأ جوادي بالصهيل وفي لمح البصر كان الجميع يقفون على أقدامهم وبنادقهم على أتم استعداد. ولما انكشف أمر الجماعة وكانت مكونة من خمسة أو ستة أفراد ، شرعوا بالهرب ووجدت صعوبة في منع رفاقي من إطلاق النار عليهم. وبعد أن وضعنا أحد الحراس ، نمنا دونما إزعاج حتى صبيحة اليوم التالي. كان هدف زوارنا سرقة قطعة من متاعنا ولكننا اكتشفنا في وضح النهار أن شيئا لم يسرق.
الثلاثاء الخامس عشر من ديسمبر / كانون الأول : في الساعة السابعة والدقيقة الخامسة والأربعين واصلنا سيرنا على نفس الطريق المكسو بالأدغال كما في السابق. أشجار السمر في هذه المنطقة كبيرة الحجم وينضح منها الصمغ بكميات كبيرة. كنت أتجاذب أطراف الحديث مع (حمد) الذي كان يسير راكبا إلى جواري ، وكان الحديث يدور عن جماله. وذكر العديد من الحالات التي توضح مدى تعلق البدو بهذه الحيوانات النافعة. ولكي أحصل منه على معلومات أكثر أفصحت عن عدم تصديقي لبعض النقاط التي ذكرها. وفي هذه اللحظة ، صادف مرور جماعة بنا قادمة من الاتجاه المعاكس. فاقترح (حمد) اختبار مصداقية كلامه بما سوف أرى. فصاح بأقرب شخص من الجماعة وكان متقدما على رفاقة : «ليكسر الله ساق بعيرك» ودون لحظة تردد واحدة ، ألقى الغريب بنفسه من فوق جمله وتقدم مشرعا سيفه صوب (حمد) الذي لم يكن يملك إلا سبب واهيا لتهنئة نفسه على هذه التجربة لو لا قيام العديد من أفراد مجموعتنا بإلقاء أنفسهم أمامه وأوضحوا الأمر للغريب. بيد أن الغريب ظل متأثرا إلى حد كبير على ما يبدو وتساءل أمام كل التوضيحات التي قدمت له : «لماذا أهان الجمل ، وهل ألحق الجمل الأذى به؟» ثم تمت تسوية القضية ببعض الهدايا ووطدت العزم بيني وبين نفسي ألا أثق بكياسة أي أعرابي في تسوية مسألة من هذا القبيل.
في الساعة التاسعة والدقيقة الخامسة والأربعين وصلنا وادي أثلى Ethelee حيث تنتشر فيه بعض آبار المياه العذبة كما تكثر فيه الظباء وطيور الحجل وغيرها من الحيوانات. وهنا نجحنا أنا (وسيف) وعند رحيلنا استمتعت الكلاب بوجبة من لحم ظبي تمكنت من صيده بعد مطاردة استغرقت عشر دقائق. وفي الساعة الواحدة وصلنا إلى الطرف الجنوبي الشرقي