وجدوا أننا لم نتبرم من المأوى ولا من حدة البرد ، طلبوا من (علي) أن يخبرهم عن هويتنا والبلد الذي جئنا منه. بيد أنه التزم الصمت. بدا واضحا أنهم كانوا يتوقعون أن نكون قد تعذبنا مثلما تعذب سكان المناطق المنخفضة الذين زاروهم. لهذا السبب كانت دهشتهم عظيمة عند ما استفسروا بعد ذلك من خادمي وهو شخص ماكر يتكلم العربية بطلاقة كبيرة وعلموا بأننا قد جئنا من بلاد أشد برودة من بلادهم حيث «يوجد الثلج لستة أشهر في بلادنا بدلا من أن يكون لعدة أيام في السنة في هذا المكان» وبعد أن أصغوا إلى هذه الإيضاحات ، غابوا عنا بعض الوقت وأعدوا ملاذا صغيرا لاستقبالنا سبق أن كان يستخدم زريبة للماشية. أخذونا إلى ذلك المكان وبعدها قدموا لنا وجبة طعام مؤلفة من التمور والحليب والفواكه المجففة.
تحتوي (شيرازي) على حوالي مائتي بيت صغير مشيدة عند بداية الوادي الذي يمتد إلى الجنوب والجنوب الشرقي حيث تقع السهول أسفله. كانت البيوت عبارة عن مبان صغيرة الحجم ، مربعة الشكل ، متينة البنيان على ما يبدو ، وشيدت ، على وجه الخصوص ، لمقاومة الأمطار والعواصف التي تكتسح في هذه المناطق كل شيء أمامها. وثمة فتحات في الجدران تعمل عمل النوافذ ، أما الباب فصغير جدا. ولا يحتوي أي من هذه المباني على أكثر من طابق واحد. وعلى الرغم من أن سكانها يضطرون باستمرار إلى إيقاد النار داخلها طلبا للدفء ولإعداد الطعام ، إلا أنها تخلو من المداخن أو أي منفذ آخر للدخان باستثناء الباب أو النافذة. ومع هذا فإن الإزعاج ليس بتلك الدرجة الكبيرة التي يمكن تخيلها طالما أنهم يصنعون كميات كبيرة من الفحم الذي يستخدم على نطاق واسع ، مع نوع آخر من نبات الخث الذي يحصلون عليه من بعض الأراضي السبخة في الجزء الأسفل من الوادي. ولا أعرف إن كان أعداد هذا الفحم يعود إلى غرابة في طبعهم ، لكنني لم أعلم البتة بوجود أي حادثة بسبب استعماله على الرغم من أن الغرف التي يحرق فيها باستمرار منخفضة ومحصورة وإن الأبواب والنوافذ تغلق ليلا.
أمضينا الأيام الثلاثة التالية ونحن نقطع الأقاليم بمختلف الاتجاهات وسأقدم الآن نتيجة ملاحظتنا عن شكل السلسلة الجبلية ومنتجاتها. يحتل (الجبل الأخضر) مساحة من الأرض