وهذا ينم عن تحرر شديد لأن القليل من المسلمين يرغبون في إعطاء عبيدهم للنصارى.
الجمعة ، التاسع والعشرون : في الساعة العاشرة والدقيقة الخمسين تركنا محطتنا المريحة ولم نصل الطرف الآخر من (سمائل) حتى الساعة الثانية عشرة والدقيقة الخمسين. وعلى امتداد المسافة كلها ، كانت المياه وفيرة. وفي المرتفعات القائمة على كلا جانبي الوادي ، الذي يبلغ عرضه قرابة ربع ميل ، شيدت الأبراج للمراقبة على مسافات متباينة وكان منظرها وهي متربعة فوق قمة صخرية وعرة خلابا. وعند نهاية بستان (سمائل) ، وجدنا بستانا آخر مساويا له في الكثافة يقطعه على نحو عرضي ووراء البستان ، وباستثناء قرية صغيرة ، يغدو الوادي صحراء قاحلة حتى وصلنا في الساعة الخامسة والدقيقة العشرين إلى (Furza) حيث يوجد حصن صغير مشيد فوق أحد التلال الغريبة ومن حوله العديد من البيوت الجميلة. تعذبنا كثيرا بسبب حالتنا الضعيفة الراهنة من حرارة الجو التي كانت في بعض الأحيان لا تطاق في هذه الوديان الضيقة. وفي مثل هذه الحالات ، غالبا ما كنت أعبر عن إعجابي بصبر البدو الذين كانوا يسيرون طيلة النهار إلى جوار إبلهم لا ينتعلون سوى صندل رث لا يقيهم حرارة الرمال الشديدة ورؤوسهم عارية معرضة لأشعة الشمس الحارقة ، ولا تند عنهم كلمة واحدة تنم عن التذمر أو نفاد الصبر ، وفي المساء يكتفون بعشاء مؤلف من التمر والماء. وإذا ما هاجمهم المرض أو الألم ، تراهم يظهرون نفس روح الصلابة والثبات الموروثة فيهم. وفي هذه المرة كان يصحبنا رجل عجوز يعاني من ألم باطني مما دفعه مرات عديدة إلى الترجل من على صهوة ناقته ليتلوى على نحو مؤلم جدا فوق الرمال. ومع هذا ، فما أن تنتهي النوبة حتى تجده راضيا لا ينطق بكلمة واحدة تنم عن سخطه. ويعوّد هؤلاء البدو أولادهم من مرحلة مبكرة على كبت كل شكل من أشكال العواطف ومهما كانت شدة مصيبتهم ، فإن كل ما يقولونه هو : «الله أكبر».
السبت ، الثلاثون : في الساعة العاشرة والنصف واصلنا رحلتنا مرة أخرى ، وكان سطح الأرض أجرد ، مجدبا كما كان حاله يوم أمس وفي الساعة الثانية عشرة والنصف ، وصلنا وادي (خور) ، الذي كان يجري فيه جدول ماء كبير جدا ويصب في البحر ؛ كان جدول الماء جميلا ورقراقا ، ويبلغ عرضه في بعض الأحيان عشرين قدما ، مع برك ماء غير منتظمة يبلغ