وفقدنا سبعمائة عيّل وراسلونا وراسلناهم أن يتركوا لنا من في أيديهم ، فنترك لهم من في أيدينا ، ففعلنا فخرجوا لم يظفروا منا بشيء ، وترددوا فيما بين صنعاء ونجران وخلصت صنعاء والجند ، وأعز الله الإسلام وأهله ، وتقاسمنا الإمارة ، وتراجع أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم إلى أعمالهم ، فاصطلحنا على معاذ [بن جبل] فكان يصلي بنا ، وكتبنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالخبر ، وذلك في حياة النبي صلىاللهعليهوسلم ، فأتاه الخبر من ليلته ، وقدمت رسلنا ، وقد قبض النبي صلىاللهعليهوسلم صبيحة تلك الليلة. فأجابنا أبو بكر.
أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنبأنا أبو الحسين (١) ، أنبأنا أبو طاهر ، أنبأنا رضوان بن أحمد ابن جالينوس ، حدّثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدّثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق قال :
وكان الأسود بن كعب العنسي قد ظهر باليمن ، وتنبّأ بصنعاء ، وتكلّم بالكذب ، فكان سبب قتل الأسود بن كعب أنه كان عنده امرأة من بني غطيف سباها ، وهي عمرة ابنة عبد يغوث المكشوح وامرأة من الأبناء ممن استبى يقال لها : بهرانة ابنة الديلم أخت فيروز بن الديلم ، وكان فيروز يدخل عليه إذا شاء لمكان أخته ، وكان قيس يدخل عليه إذا شاء لمكان أخته ، وكانا نديمين له فلمّا قدم قيس على الأسود لقي فيروز ، فأخبره الخبر ، وأطمعه في قتله ، وذلك أن قيسا سمع المهاجر يخبرهم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال للمسلمين : «إنكم ستقتلون الأسود» [١٧٦٠] ، فطمع قيس في قتله ، وقد قتل أخاه عمر بن عبد يغوث ، فائتمروا فيما بينهما ودخل معهما رجل من الأبناء في ذلك يقال له : داذويه ، فاجتمعوا على ذلك من قتله ، وأفضى قيس بذلك إلى أخته ، فقال لها : قد عرفت عداوته لقومك وما قد ركبهم به ، والرجل مقتول لا شك فيه ، فإن استطعت أن يكون بنا فافعلي ، ندرك ثأرنا ، ويكون مأثرة لنا ، فتحيّني لنا غرّته إذا سكر ، فطاوعته على ذلك وقال فيروز لصاحبته مثل [ذلك](٢) فقال : قد علمت ما ركب هذا الرجل من قومك ، وما يريد بهم ، وقد كان يريد أن يجليهم من اليمن ، فتحيّني لنا غرته إذا سكر عندك ، فإنه مقتول ، فليكن ذلك بنا ، فندرك ثأرنا ، ويكون مأثرة لنا ، فطاوعته على ذلك ، وكان مقتله في بيت الفارسية ، وذلك أنها أمرت ، فجعل في شراب له البنج ، فلمّا غلب عليه عقله بعثت إلى أخيها أن شأنك وما تريد ، فإنّ الرجل مغلوب ، وأقبلوا ثلاثتهم : قيس ، وفيروز ، وداذويه ، حتى انتهوا إلى الباب ، فقالوا : أيّنا يكفي الباب لا يدخل علينا أحد؟ فقال داذويه : أنا أكفيكم الباب ، فكان أشدّ ثغورهم ، فلمّا دخلا على الرجل قال فيروز
__________________
(١) بالأصل : الحسن ، والمثبت عن م و «ز».
(٢) زيادة عن «ز» ، وم.