بشماله (١) ، من وراء ظهره ، فنظر فيه إلى الصغيرة والكبيرة من عمله مما كان يعمل مما كان يبدو الله ويخفى على الناس ، فحلف بالله مجتهدا لقد ظلم في هذا الكتاب وزيد عليه فيه : فإن الله يقول : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ ، اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ)(٢) قيل ما تريد؟ قال : أريد بينة عدل فيختم على فيه وأمرت جوارحه ويداه ورجلاه وسمعه وبصره فينطقن (٣) ويشهدن (٤) بالله أن ما في هذا الكتاب لحق ، ما ظلم ولا زيد عليه فيه ، فلما فرغن من شهادتهن ، قيل : تكلم ، فأقبل عليهن ، فقال : لم شهدتك عليّ؟ قالوا : أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ، وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ، أرداكم فأصبحتم من الخاسرين فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين ، وقال : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)(٥) فبلغ أن ببان (٦) ثوابهم الجحيم طعامهم فيها الغسلين والزقوم وشرابهم فيها الحميم والصديد ، قال الله تعالى : (يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ ، وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ)(٧) ، وكان يقول : أبصر امرؤ والبصر ينفعه ، وعقل والعقل ينفعه ، فإن الله تبارك وتعالى يقول في آي من القرآن تترى : (أَفَلا يُبْصِرُونَ) ، (أَفَلا يَعْقِلُونَ) ، (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) إن المعاصي من الهلكان ، إنما جعل الله إبليس شيطانا رجيما مدحورا بسجدة أمر أن يسجدها فاستكبر عنها ، وإنما أخرج الله تبارك وتعالى آدم من الجنة لأكلة نهى أن يأكلها فأكل منها. قال الله عزوجل : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)(٨) وإنما جعل الله قوما قردة ، وقال ابن فضيل : وإنما جعل الله اليهود قردة خاسئين ليوم نهوا أن يعتدوا فيه ، فاعتدوا فيه ، فإن الله قال : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ ، وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ
__________________
(١) إلى هنا انتهى السقط من «ز».
(٢) سورة المجادلة ، الآية : ١٨ ـ ١٩.
(٣) بالأصل و «ز» ، فينطق ، والمثبت عن م.
(٤) بالأصل : ويشهد ، والمثبت عن م و «ز».
(٥) سورة يس ، الآية : ٦٥.
(٦) كذا رسمها بالأصل وم و «ز».
(٧) سورة إبراهيم ، الآية : ١٧.
(٨) سورة طه ، الآية : ١٢١.