قال طلحة بن عبد الله (١) : والذي نفسي بيده لعجبت من كثيّر ، ومن جوابه ، وما رأيت أحدا قط أحمق منه ، رأيتني وقد دخلت عليه ومعي جماعة من قريش وكان عليلا فقلنا : كيف تجدك يا أبا صخر؟ قال : بخير (٢) ، سمعتم الناس يقولون شيئا؟ ـ وكان يتشيع ـ فقلنا : نعم ، يقولون : إنّك الدّجّال ، قال : والله لئن قلت ذاك إني لأجد ضعفا في عيني هذه منذ أيام.
أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد ، وأبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ابنا أبي علي قالوا : أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد ، أنبأنا محمّد بن عبد الرّحمن بن العباس ، أنبأنا أحمد بن سليمان ، حدّثنا الزّبير ، حدّثني عمران بن موسى بن فليح [حدثني عمي سليمان بن فليح قال :
استنشدني يوما أمير المؤمنين هارون الرشيد لكثيّر](٣) فأنشدته نسيب قصيدة له ، ثم وقفت ، فقال لي مالك : فقلت : إنّه قد مدح بني مروان يا أمير المؤمنين ، فقال : امضه ، فمضيت في مديحها حتى فرغت ، ثم استزادني فزدته شباب (٤) قصيدة أخرى فلما انتهيت إلى المديح وقفت [فقال لي : ما لك (٥)؟] فقلت : إنه مدح بني مروان يا أمير المؤمنين ، فقال : امضه ، فمضيت في مديحها حتى أنشدتها قصائد له ، فجعل يتعجب من شعره ، فقال له يحيى ابن خالد : ما مدحكم به ابن أبي حفصة أجود من هذا حين يقول :
نور الخلافة في المهدي تعرفه |
|
وذلك النور في موسى وهارون |
فقال له أمير المؤمنين الرشيد : دع هذا الكلام عنك يا أبا علي ، فو الله لا نمدح بمثل شعر كثيّر حتى يحاك لنا مثل طراز هشام.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أبو محمّد السكري ، أنبأنا أبو الحسن الطاهري ، أنبأنا أبو بكر الختّلي ، أنبأنا أبو خليفة الجمحي ، حدّثنا أبو عبد الله الجمحي (٦) قال : وكان لكثيّر في النسيب (٧) نصيب وافر وجميل مقدّم عليه في النسيب ، وله في فنون
__________________
(١) الخبر في الأغاني ٩ / ٢٠ وفيها : طلحة بن عبيد الله.
(٢) الأغاني : أجدني ذاهبا.
(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م و «ز».
(٤) رسمها بالأصل : «سات» وفي م : «سبات» وفي «ز» : «شيان» والمثبت عن المختصر.
(٥) ما بين معكوفتين استدرك على هامش الأصل ، وبعدها صح.
(٦) طبقات فحول الشعراء ص ١٦٨.
(٧) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي طبقات فحول الشعراء : التشبيب.