فكتبوا إلى محمّد بن صالح فأقبل إليهم في ثلاثمائة فارس من الضباب ومواليه ، واتصل الخبر بأبي العميطر ، فوجّه إليه يزيد بن هشام في اثني عشر ألفا فالتقوا ووقعت الحرب ، فضرب رجل من أصحاب ابن بيهس رجلا من أصحاب يزيد بن هشام ، فقطع يده وحمل عليهم أصحاب ابن بيهس ، فانكشفوا فجعلوا يقتلون ويأسرون وخرج على يزيد بن هشام وأصحابه أهل الوادي ، فلم يزل القتل في أصحاب يزيد بن هشام حتى دخلوا أبواب دمشق ، فبلغ القتلى ألفي رجل وأسر ثلاثة آلاف ، فدعا بهم محمّد بن صالح بن بيهس فحلق رءوسهم ولحاهم ، وأحلفهم أنهم يصيرون إلى باب أبي العميطر فيصيحون نحن عتقاء ابن بيهس ، ثم خلّى سبيلهم ، وأقبلوا حتى دخلوا دمشق يصيحون بذلك ، فقوي ابن بيهس واشتدت شوكته وتوهّن أمر أبي العميطر السفياني ، فجعل ابن بيهس يغير كل يوم على ناحية ، فيقتل ، ويأسر ، وأغلق أبو العميطر أبواب دمشق ، فقال ابن بيهس (١) :
حصرت بني أمية في دمشق |
|
فما يبدون منها قيس شبر |
وكنت لهم شجا في حلق غاو |
|
دعا فأجابه ضلال فهر |
حصرت بني أمية بعد ما قد |
|
أنافوا للعراق وأرض مصر |
ولم أعلق بقيتهم (٢) وإني |
|
لحرب ما بقيت لآل صخر |
حسرت لهم قناع القتل فيهم |
|
فما انفك ذا قتل وأسر |
ولو لا أن قيسا أسلمتني |
|
ولم تشفع شجاعتها بصبر |
لقد أجلت أمية عن دمشق |
|
وأصبح جائزا فهيي وأمري |
ولي في ذاك بعد البدء عود |
|
بأقصى غاية إن طال عمري |
وقال محمد صالح أيضا :
يئست أمية بعد طول رجائها |
|
للملك واعترفت بطول شقائها |
ومنعتها ما حاولت من دولة |
|
كانت تؤملها بنور أسائها (٣) |
وقبلها عقبان ما قامت به |
|
ومنعتها من ظلمها وسبائها |
أفإن يقم من عبد شمس مارق |
|
فلمّا دنا من حتفها وبلائها |
__________________
(١) بعض الأبيات في تحفة ذوي الألباب ١ / ٢٦٢.
(٢) كذا رسمها بالأصل ، ود ، و «ز» ، وأثبت في تحفة ذوي الألباب : بفتنتهم.
(٣) رسمها بالأصل ود «وسانها» والمثبت عن «ز».