كتب إليه المأمون بولاية دمشق ، فلم يزل عليها حتى قدم عبد الله بن طاهر واليا على الشام ومصر.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنبأنا أبو الحسن السيرافي ، أنبأنا أحمد بن إسحاق ، حدّثنا أحمد بن عمران ، حدّثنا موسى بن زكريا ، حدّثنا خليفة قال (١) : وفيها ـ يعني ـ سنة أربع وثمانين ومائة وجه هارون ابن صالح (٢) بن بيهس الكلابي إلى غصة (٣) ملك الروم في الفداء.
قرأت في كتاب أبي الحسين الرّازي ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن غزوان ، حدّثنا أحمد ابن المعلّى ، حدّثنا صالح بن البختري ، حدّثني النضر بن يحيى قال : كتب أبو العميطر إلى محمّد بن صالح بن بيهس الكلابي : بسم الله الرّحمن الرحيم ، أما بعد ، فالعجب كل العجب لتخلفك عن بيعة أمير المؤمنين ، وجحدانك أنعم آبائه عليك ، ولست ولا أحد من سلفك إلّا في نعمته ، وأنت تعلم مكان حرمتك بقرية تلفياثا ، وأن عشيرتك بالغوطة كرش منثورة ، وأمير المؤمنين يحلف لك بالله لئن سمعت وأطعت ليبلغن بك أقصى غاية الشرف ، وليولّينك ما خلف بابه ، ولئن تخلّفت وتأخرت ليبعثنّ إليك ما لا قبل لك به من الزحوف التي تتلوها الحتوف بشاهد السلاح المعدّ لأهل الخلاف والمعصية ، وقد بعث إليك أمير المؤمنين شعرا فتدبّره ، وكتب في أسفل كتابه (٤) :
لئن كان هذا الجد منك لقد هوى |
|
بك الحين في أهوية غير طائل |
أبعد اجتماع الشام سمعا وطاعة |
|
إليّ وإذلالي جميع القبائل |
وتوجيهي العمّال في كلّ بلدة |
|
وزحفي إليها بالقنا والقنابل |
رجوت خلافي أو تمنّيت جاهلا |
|
إزالة ملك ثابت غير زائل |
فإن تعط سمعا أو تعلّق بطاعة |
|
تنل من ملمات شداد الزلازل |
وإن تعص لا تسلم وفي السيف واعظ (٥) |
|
لذي الجهل ما لم يتّعظ بالرسائل |
فلم يجبه محمّد بن صالح بن بيهس على كتابه ، وأقبل أبو العميطر على طلب القيسية ،
__________________
(١) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٤٥٧ (ت. العمري).
(٢) في تاريخ خليفة : صالح ، وليس ابنه.
(٣) في تاريخ خليفة : قصة ، ويقال : غصة ملكة الروم.
(٤) الأبيات في تحفة ذوي الألباب ١ / ٢٥٤.
(٥) في تحفة ذوي الألباب : طاعة.