أناضلهم عن المأمون إني |
|
على من خالف المأمون آفه |
قال : وقبل أن ينصرف ابن بيهس في علته إلى حوران جمع رؤساء بني نمير فقال لهم : قد كان من علّتي (١) ما ترون ، فارفقوا ببني مروان بن الحكم ، والطفوا بهم ، وعليكم بمسلمة (٢) بن يعقوب بن علي بن محمد بن سعيد بن مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم فإنه وكيله ، وهو ابن اختكم ، فأعملوه أنكم لا تثقون ببني أبي سفيان وأنكم تثقون به وتبايعونه ثم أنشدهم (٣).
كيدوا العدو بأن تبدوا مباعدتي |
|
ولا تنوا في الذي فيه لهم تلف |
وكاتبوني بما تأتون من هنة |
|
حتى تكون إليّ الرّسل تختلف |
فاجتمع بنو نمير إلى مسلمة بن (٤) يعقوب ، فكلّموه وبذلوا له البيعة ، فقبل منهم وجمع مواليه وأهل بيته ، فدخل إلى أبي العميطر في الخضراء (٥) كما كان يدخل للسّلام عليه ، وقد أعدّ لحجاب أبي العميطر عدادهم فلمّا سلّم عليه وجلس معه في الخضراء قبض على أبي العميطر ، فشدّه في الحديد ، وبعث إلى رؤساء بني أمية على لسان أبي العميطر يأمرهم [بالحضور](٦) فجعل كل من دخل يقال له بايع والسيف على رأسه ، فبايع وأدنى مسلمة القيسية ولبس الثياب الحمر ، وجعل أعلامه حمرا ، وأقطع بني نمير ضياع المرج (٧) ، وجعل لكلّ رجل من وجوه قيس بمدينة دمشق منزلا وولّاهم ، فقال له أبو العميطر يوما وقد دعا به وهو مقيد ، فنظر إلى قيس في الثياب الحمر ومسلمة كذلك فقال له : لو حمّرت استك لكان خيرا لك ، فأمر به فسحب.
__________________
(١) في تحفة ذوي الألباب ١ / ٢٥٨ : «علي».
(٢) في «ز» : بمسلمة بن مروان بن الحكم. ترد ترجمته في كتابنا «تاريخ مدينة دمشق» قريبا. راجع ترجمته في تحفة ذوي الألباب ١ / ٢٥٧.
(٣) البيتان في تحفة ذوي الألباب ١ / ٢٦٥.
(٤) بالأصل : «إلى» تصحيف ، وفي «ز» : مسلم بن يعقوب.
(٥) الخضراء : بناها معاوية بن أبي سفيان بدمشق ، وجعلها دارا للإمارة ، وموقعها حذاء سوق الصفارين من الجنوب ، قبلي الجامع الأموي.
(٦) الزيادة عن تحفة ذوي الألباب ١ / ٢٥٨ للإيضاح.
(٧) المرج : إقليم متسع يقع في نجد منخفض من الأرض ، ويمتد في الحدود الشرقية للغوطة الشرقية حتى مناقع الهيجانة شرقا (راجع غوطة دمشق لمحمد كردعلي ص ١٥).