المؤمنين ما لي بهما علم ، قال : لتخبرني. قال : لقد قلت لك ، وتالله إنّي لصادق ، ولقد كنت أعلم علمهما قبل اليوم ، فأما اليوم فلا والله ما لي بهما علم ، قال : جرّدوه ، فجرّدوه فضربه مائة سوط ، وعليه جامعة حديد في عنقه ، فلما فرغ من ضربه أخرج فألبس قميصا له قوهيا (١) على الضرب ، فأتى به إلينا ، فو الله ما قدروا على نزع القميص من لصوقه بالدم ، حتى حلب عليه شاة ، ثم انتزع القميص ، ودووي ، فقال أبو جعفر : أحدروهم إلى العراق ، فقدم بنا إلى الهاشمية فحبسنا بها ، فكان أول من مات عبد الله بن حسن في الحبس. فجاء السجان فقال : ليخرج أقربكم منه فليصلّ عليه ، فخرج أخوه حسن (٢) بن حسن بن أبي بن أبي طالب فصلّى عليه ، ثم مات حسن بن حسن بعده ، فأخرج محمّد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان فصلّى عليه (٣) ، ثم مات محمّد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، فأخذ رأسه ، فبعث به مع جماعة من الشيعة إلى خراسان ، فطافوا به في كور خراسان ، وجعلوا يحلفون أنّ ، هذا رأس محمّد ابن عبد الله ابن فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، يوهمون الناس أن هذا رأس محمّد بن عبد الله بن حسن ، الذي كان يجدون في الرواية خروجه على أبي جعفر المنصور.
قال أبو عبد الرّحمن بن أبي الموال : وكان معنا في الحبس علي بن حسن بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب ، وهو أبو حسين (٤) بن علي صاحب (٥) فخ ، وكان من أفضل أهل زمانه عبادة ونسكا وورعا ، لم يأكل لأحد من أهل بيته طعاما ، تمرة فما فوقها ، من القطائع التي أقطعهم أبو العباس وأبو جعفر المنصور ، ولا توضّأ من تلك العيون ، ولا شرب من مائها ، وكانت تحته بنت عمه زينب بنت عبد الله بن حسن بن حسن وكانت متعبدة ، فكان يقال : ليس بالمدينة زوج أعبد منهما ، يعنون علي بن حسن وامرأته زينب بنت عبد الله بن حسن بن حسن ، وكان السجّان بالهاشمية يحبّه ويكرمه ويلطفه لما يرى من اجتهاده وعبادته ، فأتاه بمخدة فقال : ضع رأسك عليها توطّأ بها فآثر بها أباه حسن بن حسن فقال له أبوه : يا بنيّ عمك عبد الله بن حسن أحقّ بها ، فبعث بها إليه ، فقال عبد الله بن حسن : يا أخي أخونا هذا البائس الذي ابتلي بسببنا وصار إلى ما صار إليه من الضرب أحقّ بها يعني محمّد بن عبد الله
__________________
(١) القوهي ثياب بيض تنسب إلى قوهستان ، وهي كورة بين نيسابور وهراة.
(٢) في الطبري : حسن بن حسن بن حسن.
(٣) من قوله : ثم مات ... إلى هنا ليس في تاريخ الطبري.
(٤) في «ز» : حسن ، والمثبت عن د ، والمختصر.
(٥) كذا في «ز» ود ، وفي المختصر : صاحب خبرهم ، وقد استدرك محققه «خبرهم» بين معكوفتين.