أن مسروقا حين خرج نحو السلسلة فشيّعه من قراء الكوفة (١) أربعة آلاف أو نحو ذلك ، قال : فلقيه رجل منا على فرس ، قال : فدنا منه فقال : إنك قريع قراء أهل هذه القرية ، وإن ما زانك زانهم ، وإن ما شانك شانهم ، وإني أعيذك بالله أن تحدّث نفسك (٢) بفقر أو بطول أمل ، ثم ثنى عنان فرسه راجعا ، قال : فجعل مسروق ينظر لي ويعجب (٣) من كلامه.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو الحسين الفارسي ، أنا أبو سليمان الخطابي قال :
في حديث مسروق أنه خرج إلى سفر ، فكان آخر من ودّعه رجل من جلسائه ، فقال له : إنك قريع القرّاء ، وإن زينك زين لهم ، وشينك لهم شين ، فلا تحدّثنّ نفسك بفقر ، ولا بطول (٤) عمر (٥).
حدّثناه أحمد بن إبراهيم بن مالك ، نا الحسن بن سفيان ، نا أبو بكر بن أبي شيبة ، نا عفّان ، نا أبو عوانة ، عن مغيرة ، عن عامر :
القريع فحل الإبل ، ضرب به المثل ، يريد : أنك رئيس القرّاء (٦) ، وإمامهم ، والقريع أيضا : المختار والمنتخب ، وقرعة الشيء خياره ، قال الأصمعي : اقترعت الشيء إذا اخترته ، وسمي قريعا لأنه اقترع أي اختير.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو محمّد الكتّاني ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو الميمون ، نا أبو زرعة (٧) ، نا عمر بن حفص ، نا أبي ، نا الأعمش ، عن مسلم قال :
قدم مسروق من السلسلة (٨) ، فكنت أمشي معه ، فلقيه قوم فأثنوا عليه وقالوا : جزاك الله خيرا ، كنت عفيفا ، فقال مسروق : (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ)(٩).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ،
__________________
(١) بالأصل : «قرى الكور» والمثبت عن م ، ود ، وقوله : الكوفة أربعة آلاف. ومكانه بياض في «ز».
(٢) قوله : «أن تحدث نفسك» مكانه بياض في «ز».
(٣) قوله : «ينظر لي ويعجب» مكانه بياض في «ز».
(٤) بالأصل وم طول ، والمثبت عن «ز» ، ود.
(٥) في «ز» : أمل.
(٦) في «ز» : رئيس القوم.
(٧) رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه ١ / ٦٥٣.
(٨) في معجم البلدان ورد سلسل ، قال ياقوت إنها جبل من جبال الدهناء ، وسلسل أيضا : نهر في سواد العراق ، في طريق خراسان.
(٩) سورة القصص ، الآية : ٦١.