والحاصل : أنّ هناك أمرين متباينين ، كلّ منهما فرد للحكم ، فلا يغني استتباع أحدهما للآخر عن مراعاته واحتسابه في عداد الأحكام. انتهى كلامه ، رفع مقامه (١).
مناقشة كلام السيد الكاظمي |
أقول : لو فرض نفسه حاكما بحكم تكليفيّ ووضعيّ بالنسبة إلى عبده لوجد من نفسه صدق ما ذكرنا ؛ فإنّه إذا قال لعبده : «أكرم زيدا إن جاءك» ، فهل يجد المولى من نفسه أنّه أنشأ إنشاءين وجعل أمرين : أحدهما : وجوب إكرام زيد عند مجيئه ، والآخر : كون مجيئه سببا لوجوب إكرامه؟ أو أنّ الثاني مفهوم منتزع من الأوّل لا يحتاج إلى جعل مغاير لجعله (٢) ولا إلى بيان مخالف لبيانه ؛ ولهذا اشتهر في ألسنة الفقهاء «سببيّة الدلوك» و «مانعيّة الحيض» ، ولم يرد من الشارع إلاّ إنشاء طلب الصلاة عند الأوّل ، وطلب تركها عند الثاني؟
فإن أراد تباينهما مفهوما فهو أظهر من أن يخفى ، كيف! وهما محمولان مختلفا الموضوع.
وإن أراد كونهما مجعولين بجعلين ، فالحوالة على الوجدان لا البرهان.
وكذا لو أراد كونهما مجعولين بجعل واحد ؛ فإنّ الوجدان شاهد على أنّ السببيّة والمانعيّة في المثالين اعتباران منتزعان ، كالمسببيّة والمشروطيّة والممنوعيّة ، مع أنّ قول الشارع : «دلوك الشمس سبب لوجوب الصلاة» ليس جعلا للإيجاب استتباعا ـ كما ذكره ـ بل هو
__________________
(١) الوافي في شرح الوافية (مخطوط) : الورقة ٢٤٣.
(٢) في (ص) زيادة : «الأوّلي».