مثال الأوّل : إذا ثبت نجاسة ثوب خاصّ باعتبار ملاقاته للبول ، بأن يستدلّ عليها : بأنّ هذا شيء لاقاه البول ، وكلّ ما لاقاه البول نجس ، فهذا نجس. والحكم الشرعي النجاسة ، وثبوته باعتبار حال هو ملاقاة البول ، وقد علم من خارج ـ ضرورة أو إجماعا أو غير ذلك ـ بأنّه لا يزول النجاسة بزوال الملاقاة فقط.
ومثال الثاني : ما نحن بصدده ، فإنّه ثبت وجوب الاجتناب عن الإناء المخصوص باعتبار أنّه شيء يعلم وقوع النجاسة فيه بعينه ، وكلّ شيء كذلك يجب الاجتناب عنه ، ولم يعلم بدليل من الخارج أنّ زوال ذلك الوصف الذي يحصل باعتبار زوال المعلوميّة بعينه لا دخل له في زوال ذلك الحكم.
وعلى هذا نقول : شمول الخبر للقسم الأوّل ظاهر ، فيمكن التمسّك بالاستصحاب فيه. وأمّا القسم الثاني فالتمسّك فيه مشكل.
فإن قلت : بعد ما علم في القسم الأوّل أنّه لا يزول الحكم بزوال الوصف ، فأيّ حاجة إلى التمسّك بالاستصحاب؟ وأيّ فائدة فيما ورد في الأخبار ، من : أنّ اليقين لا ينقض بالشكّ؟
قلت : القسم الأوّل على وجهين :
أحدهما : أن يثبت أنّ الحكم ـ مثل النجاسة بعد الملاقاة ـ حاصل ما لم يرد عليه (١) الماء على الوجه المعتبر في الشرع ، وحينئذ فائدته أنّ عند حصول الشكّ في ورود الماء لا يحكم بزوال النجاسة.
والآخر : أن يعلم ثبوت الحكم في الجملة بعد زوال الوصف ، لكن
__________________
(١) في المصدر : «عليها».