ورود أمر الشارع ، وعلم بقاء ذلك العدم قبل يوم الجمعة ، وعلم ارتفاعه والتكليف بالجلوس فيه قبل الزوال ، وصار بعده موضع الشكّ ، فهنا شكّ ويقينان ، وليس إبقاء حكم أحد اليقينين أولى من إبقاء حكم الآخر.
فإن قلت : يحكم ببقاء (١) اليقين المتّصل بالشكّ ، وهو اليقين بالجلوس.
قلنا : إنّ الشكّ في تكليف ما بعد الزوال حاصل قبل مجيء يوم الجمعة وقت ملاحظة أمر الشارع ، فشكّ في يوم الخميس ـ مثلا ، حال ورود الأمر ـ في أنّ الجلوس غدا هل هو المكلّف به بعد الزوال أيضا أم لا؟ واليقين المتّصل به هو عدم التكليف ، فيستصحب ويستمرّ ذلك إلى وقت الزوال (٢) ، انتهى.
ثمّ أجرى ما ذكره ـ من تعارض استصحابي الوجود والعدم ـ في مثل : وجوب الصوم إذا عرض مرض يشكّ في بقاء وجوب الصوم معه ، وفي الطهارة إذا حصل الشكّ فيها لأجل المذي ، وفي طهارة الثوب النجس إذا غسل مرّة.
فحكم في الأوّل بتعارض استصحاب وجوب الصوم قبل عروض الحمّى واستصحاب عدمه الأصلي قبل وجوب الصوم ، وفي الثاني بتعارض استصحاب الطهارة قبل المذي واستصحاب عدم جعل الشارع الوضوء سببا للطهارة بعد المذي ، وفي الثالث بتعارض استصحاب
__________________
(١) في المصدر زيادة : «حكم».
(٢) مناهج الأحكام : ٢٣٧.