بناء على ما ثبت : من انفتاح باب العلم في مثل هذه المسألة ، كما يدلّ عليه النصّ الدالّ على تعذيب الكفّار (١) ، والإجماع المدّعى (٢) على عدم معذوريّة الجاهل (٣) ، خصوصا في هذه المسألة ، خصوصا من مثل هذا الشخص الناشئ في بلاد الإسلام. وكيف كان ، فلا يبقى مجال للتمسّك بالاستصحاب.
وإن أراد به الإسكات والإلزام ، ففيه : أنّ الاستصحاب ليس دليلا إسكاتيّا ؛ لأنّه فرع الشكّ ، وهو أمر وجدانيّ ـ كالقطع ـ لا يلزم (٤) به أحد.
وإن أراد بيان أنّ مدّعي ارتفاع الشريعة السابقة ونسخها محتاج إلى الاستدلال ، فهو غلط ؛ لأنّ مدّعي البقاء في مثل المسألة ـ أيضا ـ يحتاج إلى الاستدلال عليه.
الوجه الثاني |
الوجه الثاني : أنّ اعتبار الاستصحاب إن كان من باب الأخبار ، فلا ينفع الكتابيّ التمسّك به ؛ لأنّ ثبوته في شرعنا مانع عن استصحاب النبوّة ، وثبوته في شرعهم غير معلوم. نعم ، لو ثبت ذلك من شريعتهم أمكن التمسّك به ؛ لصيرورته حكما إلهيّا (٥) غير منسوخ يجب تعبّد
__________________
(١) فصّلت : ٦.
(٢) انظر شرح الألفيّة (رسائل المحقّق الكركي) ٣ : ٣٠٣ ، ومفتاح الكرامة ٣ : ٢٨٣.
(٣) تقدّم الكلام عن عدم معذوريّة الجاهل في مبحث البراءة ٢ : ٤١٢.
(٤) في غير (ظ) بدل «لا يلزم» : «لا يلتزم».
(٥) لم ترد «إلهيّا» في (ظ).