وإن شئت قلت : إنّ حكم العامّ من قبيل لازم الوجود للشكّ السببيّ ، كما هو شأن الحكم الشرعيّ وموضوعه ، فلا يوجد في الخارج إلاّ محكوما ، والمفروض أنّ الشكّ المسبّبيّ أيضا من لوازم وجود ذلك الشكّ ، فيكون حكم العامّ وهذا الشكّ لازمين لملزوم ثالث في مرتبة واحدة ، فلا يجوز أن يكون أحدهما موضوعا للآخر ؛ لتقدّم الموضوع طبعا (١).
الدليل الثالث |
الثالث : أنّه لو لم يبن على تقديم الاستصحاب في الشكّ السببيّ كان الاستصحاب قليل الفائدة جدّا ؛ لأنّ المقصود من الاستصحاب غالبا ترتيب الآثار الثابتة للمستصحب ، وتلك الآثار إن كانت موجودة سابقا أغنى استصحابها عن استصحاب ملزومها ، فتنحصر الفائدة في الآثار التي كانت معدومة ، فإذا فرض معارضة الاستصحاب في الملزوم
__________________
(١) لم ترد «ويدفع ـ إلى ـ طبعا» في (ظ) ، وورد بدلها ما يلي : «قلنا : المقتضي لشمول العامّ للشكّ السببيّ موجود ؛ لوجود الموضوع ـ وهو كون القضيّة نقضا لليقين لغير دليل ـ والشكّ المسبّب لا يصلح للمنع ؛ لأنّ وجود المقتضي لدخوله ـ وهو كونه نقضا لليقين لغير دليل ـ موقوف على عدم ثبوت حكم النقض للشكّ السببي ، والمقتضي للأوّل موجود والمانع عنه موقوف على عدم ثبوت الحكم الأوّل ، والمفروض أنّه لا مانع سوى ما ذكر ؛ فيثبت المقتضى ـ بالفتح ـ ، ولو لا حكم العقل بهذا لم يكن وجه لتقديم الدليل على الأصل ، فدفع توهّم التعارض بين دليليهما. والحاصل : أنّ العامّ إذا توقّف فرديّة شيء له على عدم ثبوت حكمه لبعض أفراده المعلوم الفرديّة ، لم يصلح للدخول تحت العامّ ؛ لأنّ الشيء إذا توقّف منعه على عدم ثبوت المقتضى للمقتضي ـ بالكسر ـ لم يصلح أن يكون مانعا عنه للزوم الدور».