السبت ، وهذا هو الاستصحاب ، وليس منوطا بتعدّد زمان الشكّ واليقين ـ كما عرفت في المثال ـ فضلا عن تأخّر الأوّل عن الثاني.
وحيث إنّ صريح الرواية اختلاف زمان الوصفين ، وظاهرها اتّحاد زمان متعلّقهما ؛ تعيّن حملها على القاعدة الاولى ، وحاصلها : عدم العبرة بطروّ الشكّ في شيء بعد اليقين بذلك الشيء.
ويؤيّده : أنّ النقض حينئذ محمول على حقيقته ؛ لأنّه رفع اليد عن نفس الآثار التي رتّبها سابقا على المتيقّن ، بخلاف الاستصحاب ؛ فإنّ المراد بنقض اليقين فيه رفع اليد عن ترتيب الآثار في غير زمان اليقين ، وهذا ليس نقضا لليقين السابق ، إلاّ إذا اخذ متعلّقه مجرّدا عن التقييد بالزمان الأوّل.
وبالجملة : فمن تأمّل في الرواية ، وأغمض عن ذكر بعض (١) لها في أدلّة الاستصحاب ، جزم بما (٢) ذكرناه في معنى الرواية.
ثمّ لو سلّم أنّ هذه القاعدة بإطلاقها مخالفة للإجماع ، أمكن تقييدها بعدم نقض اليقين السابق بالنسبة إلى الأعمال التي رتّبها حال اليقين به ـ كالاقتداء بذلك الشخص في مثال العدالة ، أو العمل بفتواه أو شهادته ـ أو تقييد الحكم بصورة عدم التذكّر لمستند القطع السابق ، وإخراج صورة تذكّره والتفطّن لفساده وعدم قابليّته لإفادة القطع (٣).
__________________
(١) مثل : الوحيد البهبهاني في الرسائل الاصولية : ٤٤٠ ، والمحقّق القمي في القوانين ٢ : ٦٢ ، والفاضل النراقي في مناهج الأحكام : ٢٢٧.
(٢) في (ت) و (ه) بدل «جزم بما» : «ربما استظهر ما».
(٣) في (ر) و (ص) ذكرت عبارة «ثمّ لو سلّم ـ إلى ـ لإفادة القطع» بعد عبارة «اللهم إلاّ ـ إلى ـ فافهم».