والأبواب بدل. وقال : من أعرب الأبواب مفعولا ، لم يسم فاعله العائد على الجنات محذوف تقديره : الأبواب منها. وألزم أبو علي البدل في مثل هذا لا بد فيه من الضمير ، إما ملفوظا به ، أو مقدرا. وإذا كان الكلام محتاجا إلى تقدير واحد ، كان أولى مما يحتاج إلى تقديرين. وأما الكوفيون ، فالرابط عندهم هو أل لمقامه مقام الضمير ، فكأنه قال : مفتحة لهم أبوابها. وأما قوله : وهو من بدل الاشتمال ، فإن عنى بقوله : وهو قوله اليد والرجل ، فهو وهم ، وإنما هو بدل بعض من كل. وإن عنى الأبواب ، فقد يصح ، لأن أبواب الجنات ليست بعضا من الجنات. وأما تشبيهه ما قدره من قوله : مفتحة هي الأبواب ، بقولهم : ضرب زيد اليد والرجل ، فوجهه أن الأبواب بدل من ذلك الضمير المستكن ، كما أن اليد والرجل بدل من الظاهر الذي هو زيد. وقال أبو إسحاق : وتبعه ابن عطية : مفتحة نعت لجنات عدن. وقال الحوفي : مفتحة حال ، والعامل فيها محذوف يدل عليه المعنى ، تقديره : يدخلونها. وقرأ زيد بن علي ، وعبد الله بن رفيع ، وأبو حيوة : جنات عدن مفتحة ، برفع التاءين : مبتدأ وخبر ، أو كل منهما خبر مبتدأ محذوف ، أي هو جنات عدن هي مفتحة. والاتكاء : من هيئات أهل السعادة يدعون فيها ، يدل على أن عندهم من يستخدمونه فيما يستدعون ، كقوله : (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) (١).
ولما كانت الفاكهة يتنوع وصفها بالكثرة ، وكثرتها باختلاف أنواعها ، وكثرة كل نوع منها ؛ ولما كان الشراب نوعا واحدا وهو الخمر ، أفرد : (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ). قال قتادة : معناه على أزواجهن ، (أَتْرابٌ) : أي أمثال على سنّ واحدة ، وأصله في بني آدم لكونهم مس أجسادهم التراب في وقت واحد ، والأقران أثبت في التحاب. والظاهر أن هذا الوصف هو بينهن ، وقيل : بين أزواجهن ، أسنانهن كأسنانهم. وقال ابن عباس : يريد الآدميات. وقال صاحب الغنيان : حور. وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : هذا ما يوعدون ، بياء الغيبة ، إذ قبله وعندهم ؛ وباقي السبعة : بتاء الخطاب على الالتفات ، والمعنى : هذا ما وقع به الوعد ليوم الجزاء. (إِنَّ هذا) : أي ما ذكر للمتقين مما تقدم ، (لَرِزْقُنا) دائما : أي لا نفاد له.
(هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) ، قال الزجاج : أي الأمر هذا ، وقال أبو علي : هذا للمؤمنين ، وقال أبو البقاء : مبتدأ محذوف الخبر ، أو خبر محذوف المبتدأ ، والطاغون هنا :
__________________
(١) سورة الإنسان : ٧٦ / ١٩.