يزيدهم ضعفا ، كما جاء : فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، فعلى هذا الضمير في قوله : (قالُوا) للاتباع ، ومن قدم : هم الرؤساء. وقال ابن السائب : (قالُوا رَبَّنا) إلى آخره ، قول جميع أهل النار. وقال الضحاك : (مَنْ قَدَّمَ) ، هو إبليس وقابيل. وقال ابن مسعود : الضعف حيات وعقارب. (وَقالُوا) : أي أشراف الكفار ، (ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ) : أي الأرذال الذين لا خير فيهم ، وليسوا على ديننا ، كما قال : (وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا) (١). وروي أن القائلين من كفار عصر الرسول ، صلىاللهعليهوسلم ، هم : أبو جهل ، وأمية بن خلف ، وأصحاب القليب ، والذين لم يروهم : عمار ، وصهيب ، وسلمان ، ومن جرى مجراهم ، قاله مجاهد وغيره. قيل : يسألون أين عمار؟ أين صهيب؟ أين فلان؟ يعدون ضعفاء المسلمين فيقال لهم : أولئك في الفردوس. وقرأ النحويان ، وحمزة : اتخذناهم وصلا ، فقال أبو حاتم ، والزمخشري ، وابن عطية : صفة لرجال. قال الزمخشري : مثل قوله : (كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ). وقال ابن الأنباري : حال ، أي وقد اتخذناهم. وقرأ أبو جعفر ، والأعرج ، والحسن ، وقتادة ، وباقي السبعة : بهمزة الاستفهام ، لتقرير أنفسهم على هذا ، على جهة التوبيخ لها. والأسف ، أي اتخذناهم سخريا ، ولم يكونوا كذلك. وقرأ عبد الله ، وأصحابه ، ومجاهد ، والضحاك ، وأبو جعفر ، وشيبة ، والأعرج ، ونافع ، وحمزة ، والكسائي : سخريا ، بضم السين ، ومعناها : من السخرة والاستخدام. وقرأ الحسن ، وأبو رجاء ، وعيسى ، وابن محيصن ، وباقي السبعة : بكسر السين ، ومعناها : المشهور من السخر ، وهو الهزء. قال الشاعر :
إني أتاني لسان لا أسر بها |
|
من علو لا كذب فيها ولا سخر |
وقيل : بكسر السين من التسخير. وأم إن كان اتخذناهم استفهاما إما مصرحا بهمزته كقراءة من قرأ كذلك ، أو مؤولا بالاستفهام ، وحذفت الهمزة للدلالة. فالظاهر أنها متصلة لتقدم الهمزة ، والمعنى : أي الفعلين فعلنا بهم ، الاستسخار منهم أم ازدراؤهم وتحقيرهم؟ وإن أبصارنا كانت تعلو عنهم وتقتحم. ويكون استفهاما على معنى الإنكار على أنفسهم ، للاستسخار والزيغ جميعا. وقال الحسن : كل ذلك قد فعلوا ، اتخذوهم سخريا ، وزاغت عنهم أبصارهم محقرة لهم. وأن اتخذناهم ليس استفهاما ، فأم منقطعة ، ويجوز أن تكون
__________________
(١) سورة هود : ١١ / ٢٧.