بقوله (قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ)؟ ويدل عليه قوله : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ). ومن حذف المقابل قول الشاعر :
دعاني إليها القلب إني لأمرها |
|
سميع فما أدري أرشد طلابها |
تقديره : أم غيّ. وقال الفراء : الهمزة للنداء ، كأنه قيل : يا من هو قانت ، ويكون قوله قل خطابا له ، وهذا القول أجنبي مما قبله وما بعده. وضعف هذا القول أبو علي الفارسي ، ولا التفات لتضعيف الأخفش وأبي حاتم هذه القراءة. وقرأ باقي السبعة ، والحسن ، وقتادة ، والأعرج ، وأبو جعفر : أمّن ، بتشديد الميم ، وهي أم أدغمت ميمها في ميم من ، فاحتملت أم أن تكون متصلة ومعادلها محذوف قبلها تقديره : أهذا الكافر خير أم من هو قانت؟ قال معناه الأخفش ، ويحتاج مثل هذا التقدير إلى سماع من العرب ، وهو أن يحذف المعادل الأول. واحتملت أم أن تكون منقطعة تتقدر ببل ، والهمزة والتقدير : بل أم من هو قانت صفته كذا ، كمن ليس كذلك. وقال النحاس : أم بمعنى بل ، ومن بمعنى الذي ، والتقدير : بل الذي هو قانت أفضل ممن ذكر قبله. انتهى. ولا فضل لمن قبله حتى يجعل هذا أفضل ، بل يقدر الخبر من أصحاب الجنة ، يدل عليه مقابله : (إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ). والقانت : المطيع ، قال ابن عباس ، وتقدم الكلام في القنوت في البقرة.
وقرأ الجمهور : (ساجِداً وَقائِماً) ، بالنصب على الحال ؛ والضحاك : برفعهما إما على النعت لقانت ، وإما على أنه خبر بعد خبر ، والواو للجمع بين الصفتين. (يَحْذَرُ الْآخِرَةَ) : أي عذاب الآخرة ، (وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) : أي حصولها ، وقيل : نعيم الجنة ، وهذا المتصف بالقنوت إلى سائر الأوصاف ، قال مقاتل : عمار ، وصهيب ، وابن مسعود ، وأبو ذر. وقال ابن عمر : عثمان. وقال ابن عباس في رواية الضحاك : أبو بكر وعمر. وقال يحيى بن سلام : رسول الله صلىاللهعليهوسلم. والظاهر أنه من اتصف بهذه الأوصاف من غير تعيين. وفي الآية دليل على فضل قيام الليل ، وأنه أرجح من قيام النهار.
ولما ذكر العمل ذكر العلم فقال : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ، فدل أن كما الإنسان محصور في هذين المقصودين ، فكما لا يستوي هذان ، كذلك لا يستوي المطيع والعاصي. والمراد بالعلم هنا : ما أدى إلى معرفة الله ونجاة العبد من سخطه. وقرأ : يذكر ، بإدغام تاء يتذكر في الذال. (قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ) ، وروي أنها نزلت في جعفر بن أبي طالب وأصحابه حين عزموا على الهجرة إلى