وبنحره. انتهى. و (سُوءَ الْعَذابِ) : أشده ، وخبر من محذوف قدره الزمخشري : كمن أمن العذاب ، وابن عطية : كالمنعمين في الجنة. (وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ) : أي قال ذلك خزنة النار ، (ذُوقُوا ما كُنْتُمْ) : أي وبال ما كنتم (تَكْسِبُونَ) من الأعمال السيئة. (كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : تمثيل لقريش بالأمم الماضية ، وما آل إليه أمرهم من الهلاك. (فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) : من الجهة التي لا يشعرون أن العذاب يأتيهم من قبلها ، ولا يخطر ببالهم أن الشر يأتيهم منها. كانوا في أمن وغبطة وسرور ، فإذا هم معذبون مخزيون ذليلون في الدنيا من ممسوخ ومقتول ومأسور ومنفي. ثم أخبر أن ما أعد لهم في الآخرة أعظم. وانتصب (قُرْآناً عَرَبِيًّا) على الحال ، وهي حال مؤكدة ، والحال في الحقيقة هو عربيا ، وقرآنا توطئة له. وقيل : انتصب على المدح ، ونفى عنه العوج ، لأنه مستقيم يرى من الاختلاف والتناقض. وقال عثمان بن عفان : غير مضطرب. وقال ابن عباس : غير مختلف. وقال مجاهد : غير ذي لبس. وقال السدي : غير مخلوق. وقيل : غير ذي لحن. قال الزمخشري : فإن قلت : فهلا قيل مستقيما أو غير معوج؟ قلت : فيه فائدتان : إحداهما : نفي أن يكون فيه عوج قط ، كما قال : (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) (١) والثانية : أن لفظ العوج مختص بالمعاني دون الأعيان. وقيل : المراد بالعوج : الشك واللبس ، وأنشد :
وقد أتاك يقينا غير ذي عوج |
|
من الإله وقول غير مكذوب |
انتهى.
ولما ذكر تعالى أنه ضرب في القرآن (مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) : أي محتاج إليه ، ضرب هنا مثلا لعابد آلهة كثيرة ، ومن يعبد الله وحده ، ومثل برجل مملوك اشترك فيه ملاك سيئو الأخلاق ، فهو لا يقدر أن يوفي كل واحد منهم مقصوده ، إذ لا يتغاضى بعضهم لبعض لمشاحتهم ، وطلب كل منهم أن يقضي حاجته على التمام ، فلا يزال في عناء وتعب ولوم من كل منهم. ورجل آخر مملوك جميعه لرجل واحد ، فهو معني بشغله لا يشغله عنه شيء ، ومالكه راض عنه إن قد خلص لخدمته وبذل جهده في قضاء حوائجه ، فلا يلقى من سيده إلا إحسانا ، وتقدم الكلام في نصب المثل وما بعده. وقال الكسائي : انتصب رجلا على إسقاط الخافض ، أي مثلا لرجل ، أو في رجل فيه ، أي في رقه مشتركا ، وفيه صلة لشركاء. وقرأ عبد الله ، وابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد ، وقتادة ، والزهري ، والحسن :
__________________
(١) سورة الكهف : ١٨ / ١.