(يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) ، وذهب عمري في طاعة الشيطان ، وأسخطت ربي ، فندم حين لا ينفعه ، فأنزل الله خبره. (أَنْ تَقُولَ) : مفعول من أجله ، فقدره ابن عطية : أي أنيبوا من أجل أن تقول. وقال الزمخشري : كراهة أن تقول ، والحوفي : أنذرناكم مخافة أن تقول ، ونكر نفس لأنه أريد بها بعض الأنفس ، وهي نفس الكافر ، أو أريد الكثير ، كما قال الأعشى :
ورب نفيع لو هتفت لنحوه |
|
أتاني كريم ينقض الرأسى مغضبا |
يريد أفواجا من الكرام ينصرونه ، لا كريما واحدا ؛ أو أريد نفس متميزة من الأنفس بالفجاج الشديد في الكفر ، أو بعذاب عظيم. قال هذه المحتملات الزمخشري ، والظاهر الأول. وقرأ الجمهور : يا حسرتا ، بإبدال ياء المتكلم ألفا ، وأبو جعفر : يا حسرتا ، بياء الإضافة ، وعنه : يا حسرتي ، بالألف والياء جمعا بين العوض والمعوض ، والياء مفتوحة أو سانة. وقال أبو الفضل الرازي في تصنيفه (كتاب اللوامح) : ولو ذهب إلى أنه أراد تثنية الحسرة مثل لبيك وسعديك ، لأن معناهما لب بعد لب وسعد بعد سعد ، فكذلك هذه الحسرة بعد حسرة ، لكثرة حسراتهم يومئذ ؛ أو أراد حسرتين فقط من فوت الجنة لدخول النار ، لكان مذهبا ، ولكان ألف التثنية في تقدير الياء على لغة بلحرث بن كعب. انتهى. وقرأ ابن كثير في الوقف : يا حسرتاه ، بهاء السكت. قال سيبويه : ومعنى نداء الحسرة والويل : هذا وقتك فاحضري. والجنب : الجانب ، ومستحيل على الله الجارحة ، فإضافة الجنب إليه مجاز. قال مجاهد ، والسدي : في أمر الله. وقال الضحاك : في ذكره ، يعني القرآن والعمل به. وقيل : في جهة طاعته ، والجنب : الجهة ، وقال الشاعر :
أفي جنب تكنى قطعتني ملامة |
|
سليمى لقد كانت ملامتها ثناء |
وقال الراجز :
الناس جنب والأمير جنب
ويقال : أنا في جنب فلان وجانبه وناحيته ؛ وفلان لين الجنب والجانب. ثم قالوا : فرط في جنبه ، يريدون حقه. قال سابق البربري :
أما تتقين الله في جنب عاشق |
|
له كبد حرى عليك تقطع |
وهذا من باب الكناية ، لأنك إذا أثبت الأمر في مكان الرجل وحيزه ، فقد أثبته فيه. ألا ترى إلى قوله :