الإخراج ، فأسند الأتم إلى ذاته بضمير المتكلم ، وما دونه بضمير الغائب. والظاهر أن الألوان ، إن أريد بها ما يتبادر إليه الذهن من الحمرة والصفرة والخضرة والسواد وغير ذلك ، والألوان بهذا المعنى أوسع وأكثر من الألوان بمعنى الأصباغ. وقرأ الجمهور : (مُخْتَلِفاً أَلْوانُها) ، على حد اختلف ألوانها. وقرأ زيد بن علي : مختلفة ألوانها ، على حد اختلفت ألوانها ، وجمع التكسير يجوز فيه أن تلحق التاء ، وأن لا تلحق. وقرأ الجمهور : (جُدَدٌ) ، بضم الجيم وفتح الدال ، جمع جدة. قال ابن بحر : قطع من قولك : جددت الشيء : قطعته. وقرأ الزهري : كقراءة الجمهور. قال صاحب اللوامح : جمع جدة ، وهي ما تخالف من الطريق في الجبال لون ما يليها. وعنه أيضا ، بضم الجيم والدال : جمع جديدة وجدد وجدائد ، كما يقال في الاسم : سفينة وسفن وسفائن. قال أبو ذؤيب :
جون السراة أم جدائد أربع
وعنه أيضا : بفتح الجيم والدال ، ولم يجزه أبو حاتم في المعنى ، ولا صححه أثرا. وقال غيره : هو الطريق الواضح المبين ، وضعه موضع الطرائق والخطوط الواضحة المنفصل بعضها من بعض. وقال أبو عبيدة : يقال جدد في جمع جديد ، ولا مدخل لمعنى الجديد في هذه الآية. وقال صاحب اللوامح : جدد جمع جديد بمعنى : آثار جديدة واضحة الألوان. انتهى. وقال : مختلف ألوانها ، لأن البياض والحمرة تتفاوت بالشدة والضعف ، فأبيض لا يشبه أبيض ، وأحمر لا يشبه أحمر ، وإن اشتركا في القدر المشترك ، لكنه مشكل. والظاهر عطف (وَغَرابِيبُ) على (حُمْرٌ) ، عطف ذي لون على ذي لون. وقال الزمخشري : معطوف على (بِيضٌ) أو على (جُدَدٌ) ، كأنه قيل : ومن الجبال مخطط ذو جدد ، ومنها ما هو على لون واحد. وقال بعد ذلك : ولا بد من تقدير حذف المضاف في قوله : (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ) ، بمعنى : ذو جدد بيض وحمر وسود ، حتى تؤول إلى قولك : ومن الجبال مختلف ألوانه ، كما قال : (ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها). (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) يعني : ومنهم بعض مختلف ألوانه. وقرأ ابن السميفع : ألوانها. انتهى.
والظاهر أنه لما ذكر الغرابيب ، وهو الشديد السواد ، لم يذكر فيه مختلف ألوانه ، لأنه من حيث جعله شديد السواد ، وهو المبالغ في غاية السواد ، لم يكن له ألوان ، بل هذا لون واحد ، بخلاف البيض والحمر ، فإنها مختلفة. والظاهر أن قوله : (بِيضٌ وَحُمْرٌ) ليسا مجموعين بجدة واحدة ، بل المعنى : جدد بيض ، وجدد حمر ، وجدد غرابيب. ويقال :