معطوف عليه ، وهو راجع في المعنى إلى قراءة النصب ، لكن هذا عطف فعل على فعل ، وفي النصب عطف مصدر مقدر على مصدر متوهم. وقال القشيري : وقرىء : (وَيَعْفُ) بالجزم ، وفيها إشكال ، لأن المعنى : إن يشأ يسكن الريح ، فتبقى تلك السفن رواكد ، أو يهلكها بذنوب أهلها ، فلا يحسن عطف ويعف على هذه ، لأن المعنى : يصيران شيئا يعف ، وليس المعنى ذلك ، بل المعنى : الإخبار عن الغيوب عن شرط المشيئة ، فهو إذن عطف على المجزوم من حيث اللفظ ، لا من حيث المعنى. وقد قرأ قوم : ويعفو بالرفع ، وهي جيدة في المعنى. انتهى ، وما قاله ليس بجيد ، إذ لم يفهم مدلول التركيب. والمعنى : أنه تعالى إن يشأ أهلك ناسا وأنجى ناسا على طريق العفو عنهم. وقال الزمخشري : فإن قلت : على م عطف يوبقهن؟ قلت : على يسكن ، لأن المعنى : إن يشأ يسكن الريح فيركدن ، أو يعصفها فيغرقن بعصفها. انتهى. ولا يتعين أن يكون التقدير : أو يعصفها فيغرقن ، لأن إهلاك السفن لا يتعين أن يكون بعصف الريح ، بل قد يهلكها تعالى بسبب غير الريح ، كنزول سطحها بكثرة الثقل ، أو انكسار اللوح يكون سببا لإهلاكها ، أو يعرض عدو يهلك أهلها. وقرأ الأعرج ، وأبو جعفر ، وشيبة ، ونافع ، وابن عامر ، وزيد بن علي : (وَيَعْلَمَ) بالرفع على القطع. وقرأ الجمهور : ويعلم بالنصب ؛ قال أبو علي وحسن : النصب إذا كان قبله شرط وجزاء ، وكل واحد منهما غير واجب. وقال الزجاج : على إضمار أن ، لأن قبلها جزاء. تقول : ما تصنع أصنع مثله ، وأكرمك ، وإن أشئت ، وأكرمك علي ، وأنا أكرمك ، وإن شئت ، وأكرمك جزما. قال الزمخشري : فيه نظر ، لما أورده سيبويه في كتابه قال : واعلم أن النصب بالفاء والواو في قوله : إن تأتني آتك وأعطيك ضعيف ، وهو نحو من قوله :
وألحق بالحجاز فاستريحا
فهذا لا يجوز ، وليس بحد الكلام ولا وجهه ، إلا أنه في الجزاء صار أقوى قليلا ، لأنه ليس بواجب أنه يفعل إلا أن يكون من الأول فعل. فلما ضارع الذي لا يوجبه ، كالاستفهام ونحوه ، أجازوا فيه هذا على ضعفه. قال الزمخشري : ولا يجوز أن تحمل القراءة المستفيضة على وجه ضعيف ليس بحد الكلام ولا وجهه ، ولو كانت من هذا الباب ، لما أخلى سيبويه منها كتابه ، وقد ذكر نظائرها من الآيات المشكلة. انتهى. وخرج الزمخشري النصب على أنه معطوف على تعليل محذوف ، قال تقديره : لينتقم منهم ويعلم الذين يجادلون ، يكره في العطف على التعليل المحذوف غير عزيز في القرآن ، ومنه قوله