قوة يحملها بها ويمنع من الغوص. ثم جعل الرياح سببا لسيرها. فإذا أراد أن ترسو ، أسكن الريح ، فلا تبرح عن مكانها. والجواري : جمع جارية ، وأصله السفن الجواري ، حذف الموصوف وقامت صفته مقامه ، وحسن ذلك قوله : (فِي الْبَحْرِ) ، فدل ذلك على أنها صفة للسفن ، وإلا فهي صفة غير مختصة ، فكان القياس أن لا يحذف الموصوف ويقوم مقامه. ويمكن أن يقال : إنها صفة غالبة ، كالأبطح ، فجاز أن تلي العوامل بغير ذكر الموصوف. وقرىء : الجواري بالياء ودونها ، وسمع من العرب الأعراب في الراء ، وفي البحر متعلق بالجواري ، وكالأعلام في موضع الحال ، والأعلام : الجبال ، ومنه قول الخنساء أخت صخر ومعاوية :
وإن صخرا لتأتم الهداة به |
|
كأنه علم في رأسه نار |
ومنه :
إذا قطعن علما بدا علم
وقرأ جمهور السبعة : (الرِّيحَ) إفرادا ، ونافع : جمعا ، وقرأ الجمهور : (فَيَظْلَلْنَ) بفتح اللام ، وقرأ قتادة : بكسرها ، والقياس الفتح ، لأن الماضي بكسر العين ، فالكسر في المضارع شاذ : وقال الزمخشري : من ظل يظل ويظل ، نحو ضل يضل ويضل. انتهى. وليس كما ذكر ، لأن يضل بفتح العين من ضللت بكسرها في الماضي ، ويضل بكسرها من ضللت بفتحها في الماضي ، وكلاهما مقيس. (لِكُلِّ صَبَّارٍ) على بلائه ، (شَكُورٌ) لنعمائه. (أَوْ يُوبِقْهُنَ) : يهلكهن ، أي الجواري ، وهو عطف على يسكن ، والضمير في (كَسَبُوا) عائد على ركاب السفن ، أي بذنوبهم. وقرأ الأعمش : ويعفو بالواو ، وعن أهل المدينة : بنصب الواو ، والجمهور : ويعف مجزوما عطفا على يوبقهن. فأما قراءة الأعمش ، فإنه أخبر تعالى أنه يعفو عن كثير ، أي لا يؤاخذ بجميع ما اكتسب الإنسان. وأما النصب ، فبإضمار أن بعد الواو ، وكالنصب بعد الفاء في قراءة من قرأ : يحاسبكم به الله فيغفر ، وبعد الواو في قول الشاعر :
فإن يهلك أبو قابوس يهلك |
|
ربيع الناس والشهر الحرام |
ونأخذ بعده بذناب عيش |
|
أجب الظهر ليس له سنام |
روي بنصب ونأخذ ورفعه وجزمه. وفي هذه القراءة يكون العطف على مصدر متوهم ، أي يقع إيباق وعفو عن كثير. وأما الجزم فإنه داخل في حكم جواب الشرط ، إذ هو