لا يحبه وقد ندب إلى العفو عنه ، فالعفو الذي يحبه الله أولى أن يعفي عنه ، أو لا يحب الظالمين من تجاوز واعتدى من المجنى عليهم ، إذا انتصروا خصوصا في حالة الحرب والتهاب الحمية ، فربما يظلم وهو لا يشعر. وفي الحديث : «إذا كان يوم القيامة نادى مناد من كان له أجر على الله فليقم ، قال : فيقوم خلق ، فيقال لهم : ما أجركم على الله؟ فيقولون : نحن عفونا عمن ظلمنا ، فيقال لهم : ادخلوا الجنة بإذن الله». واللام في (وَلَمَنِ انْتَصَرَ) لام توكيد. قال الحوفي : وفيها معنى القسم. وقال ابن عطية : لام التقاء القسم يعنيان أنها اللام التي يتلقى بها القسم ، فالقسم قبلها محذوف ، ومن شرطية ، وحمل (انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ) على لفظ من ، وفأولئك على معنى من ، والفاء جواب الشرط ، وظلمه مصدر مضاف إلى المفعول. قال الزمخشري : ويفسره قراءة من قرأ : بعد ما ظلم ما عليهم من سبيل ، قيل : أي من طريق إلى الحرج ؛ وقيل : من سبيل للمعاقب ، ولا المعاتب والعاتب ، وهذه مبالغة في إباحة الانتصار. (إِنَّمَا السَّبِيلُ) : أي سبيل الإثم والحرج ، (عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ) : أي يبتذلون بالظلم ، (وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ) : أي يتكبرون فيها ويعلون ويفسدون. وقيل : ويظلمون الناس : أي يضعون الأشياء غير مواضعها من القتل وأخذ المال والأذى باليد واللسان. والبغي بغير الحق ، فهو نوع من أنواع الظلم ، خصه بالذكر تنبيها على شدته وسوء حال صاحبه. انتهى. (وَلَمَنْ صَبَرَ) : أي على الظلم والأذى ، (وَغَفَرَ) ، ولم ينتصر. واللام في ولمن يجوز أن تكون اللام الموطئة القسم المحذوف ، ومن شرطية ، وجواب القسم قوله : (إِنَّ ذلِكَ) ، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه. ويجوز أن تكون اللام لام الابتداء ، ومن موصولة مبتدأ ، والجملة المؤكدة بأن في موضع الخبر. وقال الحوفي : من رفع بالابتداء وأضمر الخبر ، وجواب الشرط إن وما تعلقت به على حذف الفاء ، كما قال الشاعر :
من يفعل الحسنات الله يشكرها
أي : فالله يشكرها. انتهى ، وهذا ليس بجيد ، لأن حذف الفاء مخصوص بالشعر عند سيبويه. والإشارة بذلك إلى ما يفهم من مصدر صبر وغفر والعائد على الموصول المبتدأ من الخبر محذوف ، أي إن ذلك منه لدلالة المعنى عليه : (لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) ، إن كان ذلك إشارة إلى المصدر المفهوم من قوله : (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ) ، لم يكن في عزم الأمور حذف ، وإن كان ذلك إشارة إلى المبتدأ ، كان هو الرابط ، ولا يحتاج إلى تقدير منه ، وكان في (عَزْمِ الْأُمُورِ) ، أي أنه لمن ذوي عزم الأمور. وسب رجل آخر في مجلس الحسن ،