مدمني الخمر ، وغير ذلك. والشورى مصدر كالفتيا بمعنى التشاور ، على حذف مضاف ، أي وأمرهم ذو شورى بينهم. و (هُمْ يَنْتَصِرُونَ) : صلة للذين ، وإذا معمولة لينتصرون ، ولا يجوز أن يكون (هُمْ يَنْتَصِرُونَ) جوابا لإذا ، والجملة الشرطية وجوابها صلة لما ذكرناه من لزوم الفاء ، ويجوز هنا أن يكون هم فاعلا بفعل محذوف على ذلك القول الذي قيل في (هُمْ يَغْفِرُونَ). وقال الحوفي : وإن شئت جعلت هم توكيدا للهاء والميم ، يعني في أصابهم ، وهو ضمير رفع ، وفي هذا نظر ، وفيه الفصل بين المؤكد والتوكيد بالفاعل ، وهو فعل الظاهر أنه لا يمتنع ، والانتصار : أن يقتصر على ما حده الله له ولا يعتدي. وقال النخعي : كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم ، فتجترىء عليهم الفساق ، ومن انتصر غير متعد فهو مطيع محمود. وقال مقاتل ، وهشام عن عروة : الآية في المجروح ينتصف من الجارح بالقصاص. وقال ابن عباس : تعدى المشركون على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعلى أصحابه ، وأخرجوهم من مكة ، فأذن الله لهم بالخروج في الأرض ، ونصرهم على من بغى عليهم. وقال الكيا الطبري : ظاهره أن الانتصار في هذا الموضع أفضل ، ألا ترى أنه قرنه إلى ذكر الاستجابة لله ولرسوله وإقامة الصلاة؟ فهذا على ما ذكره النخعي ، وهذا فيمن تعدى وأصر ، والمأمور فيه بالعفو إذا كان الجاني نادما مقلعا. وقد قال عقيب هذه الآية (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ) الآية ، فيقتضي إباحة الانتصار. وقد عقبه بقوله : (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ) ، وهذا محمول على القرآن عند غير المصر. فأما المصر على البغي ، فالأفضل الانتصار منه بدليل الآية قبلها. وقال ابن بحر : المعنى تناصروا عليه فأزالوه عنهم. وقال أبو بكر بن العربي نحوا من قول الكيا. قال الجمهور : إذا بغى مؤمن على مؤمن ، فلا يجوز له أن ينتصر منه بنفسه ، بل يرفع ذلك إلى الإمام أو نائبه. وقالت فرقة : له ذلك.
(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) : هذا بيان للانتصار ، أي لا يتعدى فيما يجازي به من بغى عليه. قال ابن أبي نجيح ، والسدي : إذا شتم ، فله أن يرد مثل ما شتم به دون أن يتعدى ، وسمى القصاص سيئة على سبيل المقابلة ، أو لأنها تسوء من اقتص منه ، كما ساءت الحيض. وظاهر قوله : مثلها المماثلة مطلقا في كل الأحوال ، لا فيما خصه الدليل. والفقهاء أدخلوا التخصيص في صور كثيرة بناء على القياس. قال مجاهد ، والسدي : إذا قال له أخزاك الله فليقل أخزاك الله ، وإذا قذفه قذفا يوجب الحد ، بل الحد الذي أمره الله به. (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ) : أي بينه وبين خصمه بالعفو ، (فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) : عدة مبهمة لا يقاس عظمها ، إذ هي على الله. (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) : أي الخائنين ، وإذا كان