بحت. ألا ترى إلى مناظرته له وردّه عليه وإفحامه بالحجة؟ والأنبياء ، عليهم الصلاة والسلام ، كلهم بلغاء. وقرأ الباقر : يبين ، بفتح الياء ، من بان إذا ظهر.
(فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ) ، قال مجاهد : كانوا إذا سودوا رجلا ، سوروه سوارين وطوقوه بطوق من ذهب ، علامة لسودده. قال فرعون : هلا ألقى رب موسى عليه أساورة من ذهب إن كان صادقا؟ وكان ذلك دليلا على إلقاء مقاليد الملك إليه ، لما وصف نفسه بالعزة والملك ، ووازن بينه وبين موسى عليهالسلام ، فوصفه بالضعف وقلة الأعضاد. فاعترض فقال : إن كان صادقا ، فهلا ملكه ربه وسوره وجعل الملائكة أنصاره؟ وقرأ الضحاك : (فَلَوْ لا أُلْقِيَ) مبنيا للفاعل ، أي الله ؛ أساورة نصبا ؛ والجمهور : أساورة رفعا ، وأبي وعبد الله : أساوير ، والمفرد إسوار بمعنى سوار ، والهاء عوض من الياء ، كهي في زنادقة ، هي عوض من ياء زناديق المقابلة لياء زنديق ، وهذه مقابلة لألف أسوار. وقرأ الحسن ، وقتادة ، وأبو رجاء ، والأعرج ، ومجاهد ، وأبو حيوة ، وحفص : أسورة ، جمع سوار ، نحو : خمار وأخمرة. وقرأ الأعمش : أساور. ورويت عن أبي ، وعن أبي عمرو ، (أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) : أي يحمونه ويقيمون حجته. قال ابن عباس : يعينونه على من خالفه. وقال السدي : يقارن بعضهم بعضا. وقال مجاهد : يمشون معه. وقال قتادة : متتابعين.
(فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ) : أي استجهلهم لخفة أحلامهم ، قاله ابن الاعرابي. وقال غيره : حملهم على أن يخفوا لما يريد منهم ، فأجابوه لفسقهم. (فَلَمَّا آسَفُونا) : منقول بالهمزة من أسف ، إذا غضب ؛ والمعنى : فلما عملوا الأعمال الخبيثة الموجبة لأن لا يحلم عنهم. وعن ابن عباس : أحزنوا أولياءنا المؤمنين نحو السحرة وبني إسرائيل. وعنه أيضا : أغضبونا. وعن علي : أسخطونا. وقيل : خالفوا. وقال القشيري وغيره : الغضب من الله ، إما إرادة العقوبة ، فهو من صفات الذات ؛ أو العقوبة ، فيكون من صفات الفعل. وقرأ الجمهور : سلفا. قال ابن عباس ، وزيد بن أسلم ، وقتادة : أي متقدمين إلى النار ، وهو مصدر سلف يسلف سلفا ، وسلف الرجل آباؤه المتقدمون ، والجمع أسلاف وسلاف. وقيل هو جمع سالف ، كحارس وحرس ، وحقيقته أنه اسم جمع ، لأن فعلا ليس من أبنية الجموع المكسرة. وقال طفيل يرثي قومه :
مضوا سلفا قصد السبيل عليهم |
|
صروف المنايا والرجال تقلب |
قال الفراء والزجاج : سلفا ليتعظ بهم الكفار المعاصرون للرسول. وقرأ أبو عبد الله