ذلك. قال ابن عطية : لجعلنا بدلا منكم. وقال الزمخشري : ولو نشاء ، لقدرتنا على عجائب الأمور وبدائع الفطر ، لجعلنا منكم : لولدنا منكم يا رجال ملائكة يخلفونكم في الأرض ، كما يخلفكم أولادكم ؛ كما ولدنا عيسى من أنثى من غير فحل ، لتعرفوا تميزنا بالقدرة الباهرة ، ولتعلموا أن الملائكة أجسام لا تتولد إلا من أجسام ، وذات القديم متعالية عن ذلك. انتهى ، وهو تخريج حسن. ونحو من هذا التخريج قول من قال : لجعلنا من الأنس ملائكة ، وإن لم تجر العادة بذلك. والجواهر جنس واحد ، والاختلاف بالأوصاف. (يَخْلُفُونَ) ، قال السدي : يكونون خلفاءكم. وقال قتادة : يخلف بعضهم بعضا. وقال مجاهد : في عمارة الأرض. وقيل : في الرسالة بدلا من رسلكم. والظاهر أن الضمير في : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) يعود على عيسى ، إذ الظاهر في الضمائر السابقة أنها عائدة عليه. وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والحسن ، والسدي ، والضحاك ، وابن زيد : أي وإن خروجه لعلم للساعة يدل على قرب قيامها ، إذ خروجه شرط من أشراطها ، وهو نزوله من السماء في آخر الزمان. وقال الحسن ، وقتادة أيضا ، وابن جبير : يعود على القرآن على معنى أنه يدل إنزاله على قرب الساعة ، أو أنه به تعلم الساعة وأهوالها. وقالت فرقة : يعود على النبي صلىاللهعليهوسلم ، إذ هو آخر الأنبياء ، تميزت الساعة به نوعا وقدرا من التمييز ، ونفى التحديد التام الذي انفرد الله تعالى بعلمه. وقرأ الجمهور : لعلم ، مصدر علم. قال الزمخشري : أي شرط من أشراطها تعلم به ، فسمى العلم شرطا لحصول العلم به. وقرأ ابن عباس ، وأبو هريرة ، وأبو مالك الغفاري ، وزيد بن علي ، وقتادة ، ومجاهد ، والضحاك ، ومالك بن دينار ، والأعمش ، والكلبي. قال ابن عطية ، وأبو نصرة : لعلم ، بفتح العين واللام ، أي لعلامة. وقرأ عكرمة به. قال ابن خالويه ، وأبو نصرة : للعلم ، معرفا بفتحتين.
(فَلا تَمْتَرُنَّ بِها) : أي لا تشكون فيها ، (وَاتَّبِعُونِ هذا) : أي هداي أو شرعي. وقيل : أي قل لهم يا محمد : واتبعوني هذا ، أي الذي أدعوكم له ، أو هذا القرآن ؛ كان الضمير في قال للقرآن ، ثم حذرهم من إغواء الشيطان ، ونبه على عداوته (بِالْبَيِّناتِ) : أي المعجزات ، أو بآيات الإنجيل الواضحات. (بِالْحِكْمَةِ) : أي بما تقتضيه الحكمة الإلهية من الشرائع. قال السدي : بالحكمة : النبوة. وقال أيضا : قضايا يحكم بها العقل. وذكر القشيري والماوردي : الإنجيل. وقال الضحاك : الموعظة. (وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) : وهو أمر الديانات ، لأن اختلافهم يكون فيها ، وفي غيرها من الأمور التي لا تتعلق بالديانات. فأمور الديانات بعض ما يختلفون فيه ، وبين لهم في غيره ما احتاجوا