القراءتين مبني للمفعول. وقرىء : بفتح تاء الخطاب مبنيا للفاعل. وقرأ الجمهور : بياء الغيبة وشد الدال ، وعنه بتاء الخطاب وشد الدال ، والمعنى : ولا يملك آلهتهم التي يدعون الشفاعة عند الله. قال قتادة : استثنى ممن عبد من دون الله عيسى وعزيرا والملائكة ، فإنهم يملكون شفاعة بأن يملكها الله إياهم ، إذ هم ممن شهد بالحق ، وهم يعلمونه في أحوالهم ، فالاستثناء على هذا متصل. وقال مجاهد وغيره : من المشفوع فيهم؟ كأنه قال : لا يشفع هؤلاء الملائكة وعزير وعيسى إلا فيمن شهد بالحق ، وهو يعلمه ، أي بالتوحيد ، قالوا : فالاستثناء على هذا منفصل ، كأنه قال : لكن من شهد بالحق يشفع فيهم هؤلاء. وهذا التقدير الذي قدروه يجوز أن يكون فيه الاستثناء متصلا ، لأنه يكون المستثنى منه محذوفا ، كأنه قال : ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة في أحد ، إلا فيمن شهد بالحق ، فهو استثناء من المفعول المحذوف ، كما قال الشاعر :
نجا سالم والنفس منه بشدقه |
|
ولم ينج إلا جفن سيف ومئزار |
أي : ولم ينج إلا جفن سيف ، فهو استثناء من المشفوع فيهم الجائز فيه الحذف ، وهو متصل. فإن جعلته مستثنى من (الَّذِينَ يَدْعُونَ) ، فيكون منفصلا ، والمعنى : ولا يملك آلهتهم ، ويعني بهم الأصنام والأوثان ، الشفاعة. كما زغموا أنهم شفعاؤهم عند الله. ولكن (مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِ) ، وهو توحيد الله ، وهو يعلم ما شهد به ، هو الذي يملك الشفاعة ، وإن أدرجت الملائكة في (الَّذِينَ يَدْعُونَ) ، كان استثناء متصلا. وقرأ الجمهور : (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) ، بياء الغيبة ، مناسبا لقوله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) ، أي كيف يصرفون عن عبادة من أقروا أنه موجد العالم. وعبد الوارث ، عن أبي عمرو : بتاء الخطاب. وقرأ الجمهور : وقيله ، بالنصب. فعن الأخفش : أنه معطوف على سرهم ونجواهم ، وعنه أيضا : على وقال قيله ، وعن الزجاج ، على محل الساعة في قوله : (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ). وقيل : معطوف على مفعول يكتبون المحذوف ، أي يكتبون أقولهم وأفعالهم. وقيل : معطوف على مفعول يعلمون ، أي يعلمون الحق. (وَقِيلِهِ يا رَبِ) : وهو قول لا يكاد يعقل ، وقيل : منصوب على إضمار فعل ، أي ويعلم قيله. وقرأ السلمي ، وابن وثاب ، وعاصم ، والأعمش ، وحمزة ، وقيله ، بالخفض ، وخرج على أنه عطف على الساعة ، أو على أنها واو القسم ، والجواب محذوف ، أي : لينصرن ، أو لأفعلن بهم ما أشاء. وقرأ الأعرج ، وأبو قلابة ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة ، ومسلم بن جندب : وقيله بالرفع ، وخرج على أنه معطوف على علم الساعة ، على حذف مضاف ، أي وعلم قيله حذف ، وأقيم المضاف إليه مقامه.