شهدت على أحمد أنه |
|
رسول من الله باري النسم |
فلو مد عمري إلى عمره |
|
لكنت وزيرا له وابن عم |
وأما الكتاب ، فروى ابن إسحاق وغيره أنه كان فيه : أما بعد ، فإني آمنت بك ، وبكتابك الذي أنزل عليك ، وأنا على دينك وسنتك ، وآمنت بربك ورب كل شيء ، وآمنت بكل ما جاء من ربك من شرائع الإسلام ، فإن أدركتك فيها ونعمت ، وإن لم أدركك ، فاشفع لي ، ولا تنسني يوم القيامة ، فإني من أمتك الأولين ، وتابعتك قبل مجيئك ، وأنا على ملتك وملة أبيك إبراهيم عليهالسلام. ثم ختم الكتاب ونقش عليه : لله الأمر من قبل ومن بعد. وكتب عنوانه : إلى محمد بن عبد الله ، نبي الله ورسوله ، خاتم النبيين ، ورسول رب العالمين صلىاللهعليهوسلم ، من تبع الأول. ويقال : كان الكتاب والشعر عند أبي أيوب ، خالد بن زيد ، فلم يزل عنده حتى بعث النبي صلىاللهعليهوسلم ، وكانوا يتوارثونه كابرا عن كابر ، حتى أدّوه للنبي صلىاللهعليهوسلم.
وعن ابن عباس : كان تبع نبيا ، وعنه لما أقبل تبع من الشرق ، بعد أن حير الحيرة وسمرقند ، قصد المدينة ، وكان قد خلف بها حين سافر ابنا ، فقتل غيلة ، فأجمع على خرابها واستئصال أهلها. فجمعوا له الأنصار ، وخرجوا لقتاله ، وكانوا يقاتلونه بالنهار ويقرونه بالليل. فأعجبه ذلك وقال : إن هؤلاء لكرام ، إذ جاءه كعب وأسد ، ابنا عم من قريظة جيران ، وأخبراه أنه يحال بينك وبين ما تريد ، فإنها مهاجر نبي من قريش اسمه محمد ، ومولده بمكة ، فثناه قولهما عما كان يريد. ثم دعواه إلى دينهما ، فاتبعهما وأكرمهما. وانصرفوا عن المدينة ، ومعهم نفر من اليهود ، فقال له في الطريق نفر من هذيل : يدلك على بيت فيه كنز من لؤلؤ وزبرجد وفضة بمكة ، وأرادت هذيل هلاكه ، لأنهم عرفوا أنه ما أراده أحد بسوء إلا هلك. فذكر ذلك للحبرين ، فقالوا : ما نعلم لله بيتا في الأرض غير هذا ، فاتخذه مسجدا ، وانسك عنده ، واحلق رأسك ، وما أراد القوم إلا هلاكك. فأكرمه وكساه ، وهو أول من كسا البيت ؛ وقطع أيدي أولئك النفر من هذيل وأرجلهم ، وسمر أعينهم وصلبهم.
وقال قوم : ليس المراد بتبع رجلا واحدا ، إنما المراد ملوك اليمن ، وكانوا يسمون التتابعة. والذي يظهر أنه أراد واحدا من هؤلاء ، تعرفه العرب بهذا الاسم أكثر من معرفة غيره به. وفي الحديث : «لا تسبوا تبعا فإنه كان مؤمنا» ، فهذا يدل على أنه واحد بعينه. قال الجوهري : التتابعة ملوك اليمن ، والتبع : الظل ، والتبع : ضرب من الطير. وقال أبو القاسم السهيلي : تبع لكل ملك اليمن ، والشحر حضرموت ، وملك اليمن وحده لا يسمى تبعا ،