حالكم إن كان كذا؟ ألستم ظالمين؟ فالأول حالكم ، والثاني ألستم ظالمين ، وجواب الشرط محذوف ؛ أي فقد ظلمتم ، ولذلك جاء فعل الشرط ماضيا. وقال الزمخشري : جواب الشرط محذوف تقديره : إن كان هذا القرآن من عند الله وكفرتم به ، ألستم ظالمين؟ ويدل على هذا المحذوف قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ). انتهى. وجملة الاستفهام لا تكون جوابا للشرط إلا بالفاء. فإن كانت الأداة الهمزة ، تقدمت الفاء نحو : إن تزرنا ، أفما نحسن إليك؟ أو غيرها تقدمت الفاء نحو : إن تزرنا ، فهل ترى إلا خيرا؟ فقول الزمخشري : ألستم ظالمين؟ بغير فاء ، لا يجوز أن يكون جواب الشرط. وقال ابن عطية : وأرأيتم يحتمل أن تكون منبهة ، فهي لفظ موضوع للسؤال لا يقتضي مفعولا. ويحتمل أن تكون الجملة : كان وما عملت فيه ، تسد مسد مفعوليها. انتهى. وهذا خلاف ما قرره محققو النحاة في أرأيتم. وقيل : جواب الشرط.
(فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ) : أي فقد آمن محمد به ، أو الشاهد ، واستكبرتم أنتم عن الإيمان. وقال الحسن : تقديره فمن أضل منكم. وقيل : فمن المحق منا ومنكم ، ومن المبطل؟ وقيل : إنما تهلكون ، والضمير في به عائد على ما عاد عليه اسم كان ، وهو القرآن. وقال الشعبي : يعود على الرسول ، والشاهد عبد لله بن سلام ، قاله الجمهور ، وابن عباس ، والحسن ، وعكرمة ، ومجاهد ، وقتادة ، وابن سيرين ؛ والآية مدنية. وعن عبد الله بن سلام : نزلت في آيات من كتاب الله ، نزلت في (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ). وقال مسروق : الشاهد موسى عليهالسلام ، لا ابن سلام ، لأنه أسلم بالمدينة ، والسورة مكية ، والخطاب في (وَكَفَرْتُمْ بِهِ) لقريش. وقال الشعبي : الشاهد من آمن من بني إسرائيل بموسى والتوراة ، لأن ابن سلام أسلم قبل وفاة النبي صلىاللهعليهوسلم بعامين ، والسورة مكية. وقال سعد بن أبي وقاص ، ومجاهد ، وفرقة : الآية مكية ، والشاهد عبد الله بن سلام ، وهي من الآيات التي تضمنت غيبا أبرزه الوجود ، وعبد الله بن سلام مذكور في الصحيح ، وفيه بهت لليهود لعنهم الله.
ومن كذب اليهود وجهلهم بالتاريخ ، ما يعتقدونه في عبد الله بن سلام ، أنه صلىاللهعليهوسلم حين سافر إلى الشام في تجارة لخديجة رضياللهعنها ، اجتمع بأحبار اليهود وقص عليهم أحلامه ، فعلموا أنه صاحب دولة ، وعموا ، فأصحبوه عبد الله بن سلام ، فقرأ علوم التوراة وفقهها مدة ، زعموا وأفرطوا في كذبهم ، إلى أن نسبوا الفصاحة المعجزة التي في القرآن