مقسم : نزل مبنيا للفاعل ؛ والأعمش : أنزل معدى بالهمزة مبنيا للمفعول. وقرىء : نزل ثلاثيا. (كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ) : أي حالهم ، قاله قتادة ؛ وشأنهم ، قاله مجاهد ؛ وأمرهم ، قاله ابن عباس. وحقيقة لفظ البال أنها بمعنى الفكر ، والموضع الذي فيه نظر الإنسان وهو القلب. فإذا صلح ذلك ، فقد صلحت حاله ، فكأن اللفظ مشير إلى صلاح عقيدتهم ، وغير ذلك من الحال تابع.
(ذلِكَ) : إشارة إلى ما فعل بالكفار من إضلال أعمالهم ، وبالمؤمنين من تكفير سيئاتهم وإصلاح حالهم. وذلك مبتدأ وما بعده الخبر ، أي كائن بسبب اتباع هؤلاء الباطل وهؤلاء الحق. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون ذلك خبر مبتدأ محذوف تقديره الأمر ذلك ، أي كما ذكر بهذا السبب ، فيكون محل الجار والمجرور منصوبا. انتهى. ولا حاجة إلى الإضمار مع صحة الوجه وعدم الإضمار. والباطل : ما لا ينتفع به. وقال مجاهد : الشيطان وكل ما يأمر به ؛ والحق : هو الرسول والشرع ، وهذا الكلام تسميه علماء البيان : التفسير. (كَذلِكَ يَضْرِبُ) : قال ابن عطية : الإشارة إلى اتباع المذكورين من الفريقين ، أي كما اتبعوا هذين السبيلين ، كذلك يبين أمر كل فرقة ، ويجعل لها ضربها من القول وصفها ؛ وضرب المثل من الضرب الذي هو بمعنى النوع. وقال الزمخشري : كذلك ، أي مثل ذلك الضرب. (يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ) لأجل الناس ليعتبروا بهم. فإن قلت : أين ضرب الأمثال؟ قلت : في أن جعل اتباع الباطل مثلا لعمل الكفار ، واتباع الحق مثلا لعمل المؤمنين ؛ أو في أن جعل الإضلال مثلا لخيبة الكفار ، وتكفير السيئات مثلا لفوز المؤمنين.
(فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) : أي في أي زمان ليقتموهم ، فاقتلوهم. وفي قوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (١) ، أي في أي مكان ، فعم في الزمان وفي المكان. وقال الزمخشري : لقيتم ، من اللقاء ، وهو الحرب. انتهى. (فَضَرْبَ الرِّقابِ) : هذا من المصدر النائب مناب فعل الأمر ، وهم مطرد فيه ، وهو منصوب بفعل محذوف فيه ، واختلف فيه إذا انتصب ما بعده فقيل : هو منصوب بالفعل الناصب للمصدر ؛ وقيل : هو منصوب بنفس المصدر لنيابته عن العامل فيه ، ومثاله : ضربا زيدا ، كما قال الشاعر :
على حين ألهى الناس جل أمورهم |
|
فندلا زريق المال ندل الثعالب |
وهذا هو الصحيح ، ويدل على ذلك قوله : (فَضَرْبَ الرِّقابِ) ، وهو إضافة المصدر
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ٥.