ثمامة بن أثال الحنفي ، وأما أن يفدى ، كما روي عنه عليهالسلام أنه فودي منه رجلان من الكفار برجل مسلم.
وهذه الآية معارض ظاهرها لقوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (١). فذهب ابن عباس ، وقتادة ، وابن جريج ، والسدي ، والضحاك ، ومجاهد ، إلى أنها منسوخة بقوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) الآية ، وأن الأسر والمن والفداء مرتفع ، فإن وقع أسير قتل ولا بد إلا أن يسلم. وروي نحوه عن أبي بكر الصديق ، وذهب ابن عمر ، وعمر بن عبد العزيز ، وعطاء ، والحسن ، إلى أن هذه مخصصة لعموم تلك ، والمنّ والفداء ثابت. وقال الحسن : لا يقتل الأسير إلا في الحرب ، يهيب بذلك على العدو. وذهب أكثر العلماء إلى أن أهل الكتاب فيهم المنّ والفداء وعباد الأوثان ، ليس فيهم إلا القتل ، فخصصوا من المشركين أهل الكتاب ، وخصص من الكفار عبدة الأوثان. وأما مذهب الأئمة اليوم : فمذهب أبي حنيفة أن الإمام يخير في القتل والاسترقاق ؛ ومذهب الشافعي أنه مخير في القتل والاسترقاق والفداء والمن ؛ ومذهب مالك أنه مخير في واحد من هذه الأربعة ، وفي ضرب الجزية. والظاهر أن قوله : (وَإِمَّا فِداءً) ، يجوز فداؤه بالمال وبمن أسر من المسلمين. وقال الحسن : لا يفدى بالمال. وقرأ السلمي : فشدوا ، بكسر الشين ، والجمهور : بالضم. والوثاق : بفتح الواو ، وفيه لغة الوثاق ، وهو اسم لما يوثق به ، وانتصب منا وفداء بإضمار فعل يقدر من لفظهما ، أي فإما تمنون منا ، وإما تفدون فداء ، وهو فعل يجب إضماره ، لأن المصدر جاء تفصيل عاقبة ، فعامله مما يجب إضماره ، ونحوه قول الشاعر :
لأجهدنّ فإما درء واقعة |
|
تخشى وإما بلوغ السؤل والأمل |
أي : فإما أدرأ درأ واقعة ، وإما أبلغ بلوغ السؤل. وقال أبو البقاء : ويجوز أن يكونا مفعولين ، أي أدوهم منا واقبلوا ، وليس إعراب نحوي. وقرأ ابن كثير في رواية شبل : وإما فدى بالقصر. قال أبو حاتم : لا يجوز قصره لأنه مصدر فاديته ، وهذا ليس بشيء ، فقد حكى الفراء فيه أربع لغات : فداء لك بالمد والإغراء ، وفدى لك بالكسر بياء والتنوين ، وفدى لك بالقصر ، وفداء لك. والظاهر من قوله : (فَإِمَّا مَنًّا) : المن بالإطلاق ، كما منّ الرسول عليه الصلاة والسلام على ثمامة ، وعلى أبي عروة الحجبي. وفي كتاب الزمخشري : كما منّ
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ٥.