وليدخل متعلق بمحذوف دل عليه المعنى ، أي كان انتفاء التسليط على أهل مكة ، وانتفاء العذاب. (لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) : وهذا المحذوف هو مفهوم من جواب لو ، ومعنى تزيلوا : لو ذهبوا عن مكة ، أي لو تزيل المؤمنون من الكفار وتفرقوا منهم ، ويجوز أن يكون الضمير للمؤمنين والكفار ، أي لو افترق بعضهم من بعض. (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) : إذ معمول لعذبنا ، أو لو صدوكم ، أو لا ذكر مضمرة. والحمية : الأنفة ، يقال : حميت عن كذا حمية ، إذا أنفت عنه وداخلك عار وأنفة لفعله ، قال المتلمس :
إلا أنني منهم وعرضي عرضهم |
|
كذا الرأس يحمي أنفه أن يهشما |
وقال الزهري : حميتهم : أنفتهم عن الإقرار لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بالرسالة والاستفتاح ببسم الله الرحمن الرحيم ، والذي امتنع من ذلك هو سهيل بن عمرو. وقال ابن بحر : حميتهم : عصبيتهم لآلهتهم ، والأنفة : أن يعبدوا غيرها. وقيل : قتلوا آباءنا وإخواننا ثم يدخلون علينا في منازلنا ، واللات والعزى لا يدخلها أبدا ؛ وكانت حمية جاهلية لأنها بغير حجة وفي غير موضعها ، وإنما ذلك محض تعصب لأنه صلىاللهعليهوسلم إنما جاء معظما للبيت لا يريد حربا ، فهم في ذلك كما قال الشاعر في حمية الجاهلية :
وهل أنا إلا من غزية إن غوت |
|
غوين وإن ترشد غزية أرشد |
وحمية : بدل من الحمية والسكينة الوقار والاطمئنان ، فتوقروا وحلموا ؛ و (كَلِمَةَ التَّقْوى) : لا إله إلا الله. روي ذلك عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وبه قال علي ، وابن عباس ، وابن عمر ، وعمرو بن ميمون ، وقتادة ، ومجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، وسلمة بن كهيل ، وعبيد بن عمير ، وطلحة بن مصرف ، والربيع ، والسدي ، وابن زيد. وقال عطاء بن أبي رباح ومجاهد أيضا : هي لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير. وقال علي بن أبي طالب ، وابن عمر ، رضي الله تعالى عنهما : لا إله إلا الله ، والله أكبر. وقال أبو هريرة ، وعطاء الخراساني : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأضيفت الكلمة إلى التقوى لأنها سبب التقوى وأساسها. وقيل : هو على حذف مضاف ، أي كلمة أهل التقوى. وقال المسور بن مخرمة ، ومروان بن الحكم : كلمة التقوى هنا هي بسم الله الرحمن الرحيم ، وهي التي أباها كفار قريش ، فألزمها الله المؤمنين وجعلهم أحق بها. وقيل : قولهم سمعا وطاعة. والظاهر أن الضمير في : (وَكانُوا) عائد على المؤمنين ، والمفضل عليهم محذوف ، أي (أَحَقَّ بِها) من كفار مكة ، لأن الله تعالى اختارهم لدينه وصحبة نبيه صلىاللهعليهوسلم.