ونحن على جوانبها قعود |
|
نغض الطرف كالإبل القماح |
وقال الليث : هو رفع البعير رأسه إذا شرب الماء الكريه ثم يعود. وقال الزجاج : للكانونين شهرا قماح ، لأن الإبل إذا وردت الماء ترفع رؤوسها لشدة برده ، وأنشد أبو زيد بيت الهذلي :
فتى ما ابن الأعز إذا شتونا |
|
وحب الزاد في شهري قماح |
رواه بضم القاف ، وابن السكيت بكسرها ، وهما لغتان. وسميا شهري قماح لكراهة كل ذي كبد شرب الماء فيه. وقال الحسن : القامح : الطافح ببصره إلى موضع قدمه. وقال مجاهد : الرافع الرأس ، الواضح يده على فيه. وقال الطبري : الضمير في فهي عائد على الأيدي ، وإن لم يتقدم لها ذكر ، لوضوح مكانها من المعنى ، وذلك أن الغل إنما يكون في العنق مع اليدين ، ولذلك سمي الغل جامعة لجمعه اليد والعنق. وأرى علي ، كرم الله وجهه ، الناس الأقماح ، فجعل يديه تحت لحييه وألصقهما ورفع رأسه. وقال الزمخشري : جعل الأقماح نتيجة قوله : (فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ). ولو كان الضمير للأيدي ، لم يكن معنى التسبب في الأقماح ظاهرا. على أن هذا الإضمار فيه ضرب من التعسف وترك الظاهر الذي يدعوه المعنى إلى نفسه إلى الباطل الذي يجفو عنه ترك للحق الأبلج إلى الباطل اللجلج. انتهى. وقرأ عبد الله ، وعكرمة ، والنخعي ، وابن وثاب ، وطلحة ، وحمزة ، والكسائي ، وابن كثير ، وحفص : (سَدًّا) بفتح السين فيهما ؛ والجمهور : بالضم ، وتقدم شرح السد في الكهف. وقرأ الجمهور : (فَأَغْشَيْناهُمْ) بالغين منقوطة ؛ وابن عباس ، وعمر بن عبد العزيز ، وابن يعمر ، وعكرمة ، والنخعي ، وابن سيرين ، والحسن ، وأبو رجاء ، وزيد بن علي ، ويزيد البربري ، ويزيد بن المهلب ، وأبو حنيفة ، وابن مقسم : بالعين من العشاء ، وهو ضعف البصر ، جعلنا عليها غشاوة. (وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ) الآية : تقدّم الكلام على نظيرها تفسيرا وإعرابا في أول البقرة.
(إِنَّما تُنْذِرُ) : تقدم (لِتُنْذِرَ قَوْماً) ، لكنه لما كان محتوما عليهم أن لا يؤمنوا حتى قال : (وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) ، لم يجد الإنذار لانتفاء منفعته فقال : (إِنَّما تُنْذِرُ) : أي إنذارا ينفع من اتبع الذكر ، وهو القرآن. قال قتادة : أو الوعظ. (وَخَشِيَ الرَّحْمنَ) : أي المتصف بالرحمة ، مع أن الرحمة قد تعود إلى الرجاء ، لكنه مع برحمته هو يخشاه خوفا من أن يسلبه ما أنعم به عليه بالغيب ، أي بالخلوة عند معيب