القول لديّ ، وهذه كلها أقوال ضعيفة. وقرأ الجمهور : قاف بسكون الفاء ، ويفتحها عيسى ، ويكسرها الحسن وابن أبي إسحاق وأبو السمال ؛ وبالضم : هارون وابن السميفع والحسن أيضا ؛ فيما نقل ابن خالويه. والأصل في حروف المعجم ، إذا لم تركب مع عامل ، أن تكون موقوفة. فمن فتح قاف ، عدل إلى الحركات ؛ ومن كسر ، فعلى أصل التقاء الساكنين ؛ ومن ضم ، فكما ضم قط ومنذ وحيث.
(بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) : إنكار لتعجبهم مما ليس بعجب ، وهو أن ينذرهم بالخوف رجل منهم قد عرفوا صدقه وأمانته ونصحه ، فكان المناسب أن لا يعجبوا ، وهذا مع اعترافهم بقدرة الله تعالى ، فأي بعد في أن يبعث من يخوف وينذر بما يكون في المآكل من البعث والجزاء. والضمير في (بَلْ عَجِبُوا) عائد على الكفار ، ويكون قوله : (فَقالَ الْكافِرُونَ) تنبيها على القلة الموجبة للعجب ، وهو أنهم قد جبلوا على الكفر ، فلذلك عجبوا. وقيل : الضمير عائد على الناس ، قيل : لأن كل مفطور يعجب من بعثة بشر رسولا من الله ، لكن من وفق نظر فاهتدى وآمن ، ومن خذل ضل وكفر ؛ وحاج بذلك العجب والإشارة بقولهم : (هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ) ، الظاهر أنها إلى مجيء منذر من البشر. وقيل : إلى ما تضمنه الإنذار ، وهو الإخبار بالبعث. وقال الزمخشري : وهذا إشارة إلى المرجع. انتهى ، وفيه بعد.
وقرأ الجمهور : (أَإِذا) بالاستفهام ، وهم على أصولهم في تحقيق الثانية وتسهيلها والفصل بينهما. وقرأ الأعرج ، وشيبة ، وأبو جعفر ، وابن وثاب ، والأعمش ، وابن عتبة عن ابن عامر : إذا بهمزة واحدة على صورة الخبر ، فجاز أن يكون استفهاما حذفت منه الهمزة ، وجاز أن يكونوا عدلوا إلى الخبر وأضمر جواب إذا ، أي إذا متنا وكنا ترابا رجعنا. وأجاز صاحب اللوامح أن يكون الجواب رجع بعيد على تقدير حذف الفاء ، وقد أجاز بعضهم في جواب الشرط ذلك إذا كان جملة اسمية ، وقصره أصحابنا على الشعر في الضرورة. وأما في قراءة الاستفهام ، فالظرف منصوب بمضمر ، أي : أنبعث إذا متنا؟ وإليه الإشارة بقوله ذلك ، أي البعث.
(رَجْعٌ بَعِيدٌ) ، أي مستبعد في الأوهام والفكر. وقال الزمخشري : وإذا منصوب بمضمر معناه : أحين نموت ونبلى نرجع؟ انتهى. وأخذه من قول ابن جني ، قال ابن جني : ويحتمل أن يكون المعنى : أئذا متنا بعد رجعنا ، فدل رجع بعيد على هذا الفعل ، ويحل محل الجواب لقولهم أئذا. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون الرجع بمعنى المرجوع ،