فجالت والتمست لها حشاها |
|
فخر كأنه خوط مريج |
والأصل فيه الاضطراب والقلق. مرج الخاتم في أصبعي ، إذا قلق من الهزال. ويجوز أن يكون الأمر المريج ، باعتبار انتقال أفكارهم فيما جاء به المنذر قائلا عدم قبولهم أول إنذاره إياهم ، ثم العجب منهم ، ثم استبعاد البعث الذي أنذر به ، ثم التكذيب لما جاء به. (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا) حين كفروا بالبعث وبما جاء به الرسول صلىاللهعليهوسلم إلى آثار قدرة الله تعالى في العالم العلوي والسفلي ، (كَيْفَ بَنَيْناها) مرتفعة من غير عمد ، (وَزَيَّنَّاها) بالنيرين وبالنجوم ، (وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) : أي من فتوق وسقوف ، بل هي سليمة من كل خلل.
(وَالْأَرْضَ مَدَدْناها) : بسطناها ، (وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ) ، أي جبالا ثوابت تمنعها من التكفؤ ، (مِنْ كُلِّ زَوْجٍ) : أي نوع ، (بَهِيجٍ) : أي حسن المنظر بهيج ، أي يسر من نظر إليه. وقرأ الجمهور : (تَبْصِرَةً وَذِكْرى) بالنصب ، وهما منصوبان بفعل مضمر من لفظهما ، أي بصر وذكر. وقيل : مفعول من أجله. وقرأ زيد بن علي : تبصرة بالرفع ، وذكر معطوف عليه ، أي ذلك الخلق على ذلك الوصف تبصرة ، والمعنى : يتبصر بذلك ويتذكر ، (لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) : أي راجع إلى ربه مفكر في بدائع صنعه. (ماءً مُبارَكاً) : أي كثير المنفعة ، (وَحَبَّ الْحَصِيدِ) : أي الحب الحصيد ، فهو من حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، كما يقوله البصريون ، والحصيد : كل ما يحصد مما له حب ، كالبر والشعير. (باسِقاتٍ) : أي طوالا في العلو ، وهو منصوب على الحال ، وهي حال مقدرة ، لأنها حالة الإنبات ، لم تكن طوالا. وباسقات جمع. (وَالنَّخْلَ) اسم جنس ، فيجوز أن يذكر ، نحو قوله : (نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) (١) ، وأن يؤنث نحو قوله تعالى : (نَخْلٍ خاوِيَةٍ) (٢) ، وأن يجمع باعتبار إفراده ، ومنه باسقات ، وقوله : (وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) (٣). والجمهور : باسقات بالسين. وروى قطبة بن مالك ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، أنه قرأ : باصقات بالصاد ، وهي لغة لبني العنبر ، يبدلون من السين صادا إذا وليتها ، أو فصل بحرف أو حرفين ، خاء أو عين أو قاف أو طاء. (لَها طَلْعٌ) : تقدم شرحه عند (مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ) (٤).
(نَضِيدٌ) : أي منضود بعضه فوق بعض ، يريد كثرة الطلع وتراكمه ، أي كثرة ما فيه من الثمر. وأول ظهور الثمر في الكفرى هو أبيض ينضد كحب الرمان ، فما دام ملتصقا
__________________
(١) سورة القمر : ٥٤ / ٢٠.
(٢) سورة الحاقة : ٦٩ / ٧.
(٣) سورة الرعد : ١٣ / ١٢.
(٤) سورة الأنعام : ٦ / ٩٩.