كانت ملأى وقت السؤال ، فلا تزداد على امتلائها ، كما جاء في الحديث وهل ترك لنا عقيل من دار أي ما تركه ومزيد يحتمل أن يكون مصدر أو اسم مفعول. (غَيْرَ بَعِيدٍ) : مكانا غير بعيد ، وهو تأكيد لأزلفت ، رفع مجاز القرب بالوعد والإخبار. فانتصاب غير على الظرف صفة قامت مقام مكان ، فأعربت بإعرابه. وأجاز الزمخشري أن ينتصب غير بعيد على الحال من الجنة. قال : وتذكيره يعني بعيد ، لأنه على زنة المصدر ، كالزئير والصليل ، والمصادر يستوي في الوصف بها المذكر والمؤنث. وقال الزمخشري أيضا : أو على حذف الموصوف ، أي شيئا غير بعيد. انتهى. وكأنه يعني إزلافا غير بعيد ، هذا إشارة للثواب.
وقرأ الجمهور : (ما تُوعَدُونَ) ؛ خطاب للمؤمنين ؛ وابن كثير ، وأبو عمرو : بياء الغيبة ، أي هذا القول هو الذي وقع الوعد به ، وهي جملة اعتراضية بين المبدل منه والبدل. و (لِكُلِّ أَوَّابٍ) : هو البدل من المتقين. (مَنْ خَشِيَ) : بدل بعد بدل تابع (لِكُلِ) ، قاله الزمخشري. وإنما جعله تابعا (لِكُلِ) ، لا بدلا من (لِلْمُتَّقِينَ) ، لأنه لا يتكرر الإبدال من مبدل منه واحد. قال : ويجوز أن يكون بدلا من موصوف أواب وحفيظ ، ولا يجوز أن يكون في حكم أواب وحفيظ ، لأن من لا يوصف به ، ولا يوصف من بين سائر الموصولات إلا بالذي. انتهى. يعني بقوله : في حكم أوأب : أن يجعل من صفته ، وهذا حكم صحيح. وأما قوله : ولا يوصف من بين الموصولات إلا بالذي ، فالحصر ليس بصحيح ، قد وصفت العرب بما فيه أل ، وهو موصول ، نحو القائم والمضروب ، ووصفت بذو الطائية ، وذات في المؤنث. ومن كلامهم : بالفضل ذو فضلكم الله به ، والكرامة ذات أكرمكم الله به ، يريد بالفضل الذي فضلكم والكرامة التي أكرمكم ، ولا يريد الزمخشري خصوصية الذي ، بل فروعه من المؤنث والمثنى والمجموع على اختلاف لغات ذلك. وجوز أن تكون من موصولة مبتدأ خبره القول المحذوف ، تقديره : يقال لهم ادخلوها ، لأن من في معنى الجمع ، وأن تكون شرطية ، والجواب الفعل المحذوف ، أي فيقال : وأن يكون منادى ، كقولهم : من لا يزال محسنا أحسن إليّ ، وحذف حرف النداء للتقريب. وقال ابن عطية : يحتمل أن تكون من نعتا. انتهى ، وهذا لا يجوز ، لأن من لا ينعت بها ، وبالغيب حال من المفعول ، أي وهو غائب عنه ، وإنما أدركه بالعلم الضروري ، إذ كل مصنوع لا بد له من صانع. ويجوز أن تكون صفة لمصدر خشي ، أي خشيه خشية ملتبسة بالغيب ، حيث خشي عقابه وهو غائب ، أو خشيه بسبب الغيب الذي