الأمرين أن يكون مضارع وعد ومضارع أوعد ، ويناسب أن يكون مضارع أوعد لقوله : (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) ، ولأن المقصود التخويف والتهويل. ومعنى صدقه : تحقق وقوعه ، والمتصف بالصدق حقيقة هو المخبر. وقال تعالى : (ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) (١) : أي مصدوق فيه. وقيل : (لَصادِقٌ) ، ووضع اسم الفاعل موضع المصدر ، ولا حاجة إلى هذا التقدير. وقال مجاهد : الأظهر أن الآية في الكفار ، وأنه وعيد محض. (وَإِنَّ الدِّينَ) : أي الجزاء ، (لَواقِعٌ) : أي صادر حقيقة على المكلفين من الإنس والجن. والظاهر في السماء أنه جنس أريد به جميع السموات. وقال عبد الله بن عمرو بن العاص : هي السماء السابعة. وقيل : السحاب الذي يظل الأرض.
(ذاتِ الْحُبُكِ) : أي ذات الخلق المستوي الجيد ، قاله ابن عباس وعكرمة وقتادة والربيع. وقال الحسن ، وسعيد بن جبير : (ذاتِ الْحُبُكِ) : أي الزينة بالنجوم. وقال الضحاك : ذات الطرائق ، يعني من المجرة التي في السماء. وقال ابن زيد : ذات الشدة ، لقوله : (سَبْعاً شِداداً) (٢). وقيل : ذات الصفاقة. وقرأ الجمهور : الحبك بضمتين ؛ وابن عباس ، والحسن : بخلاف عنه ، وأبو مالك الغفاري ، وأبو حيوة ، وابن أبي عبلة ، وأبو السمال ، ونعيم عن أبي عمرو : بإسكان الباء ؛ وعكرمة : بفتحها ، جمع حبكة ، مثل : طرفة وطرف. وأبو مالك الغفاري ، والحسن : بخلاف عنه ، بكسر الحاء والباء ؛ وأبو مالك الغفاري ، والحسن أيضا ، وأبو حيوة : بكسر الحاء وإسكان الباء ، وهو تخفيف فعل المكسور هما وهو اسم مفرد لا جمع ، لأن فعلا ليس من أبنية الجموع ، فينبغي أن يعد مع إبل فيما جاء من الأسماء على فعل بكسر الفاء والعين ؛ وابن عباس أيضا ، وأبو مالك : بفتحهما. قال أبو الفضل الرازي : فهو جمع حبكة ، مثل عقبة وعقب. انتهى. والحسن أيضا : الحبك بكسر الحاء وفتح الباء ، وقرأ أيضا كالجمهور ، فصارت قراءته خمسا : الحبك الحبك الحبك الحبك الحبك. وقرأ أبو مالك أيضا : الحبك بكسر الحاء وضم الباء ، وذكرها ابن عطية عن الحسن ، فتصير له ست قراءات. وقال صاحب اللوامح ، وهو عديم النظير في العربية : في أبنيتها وأوزانها ، ولا أدري ما رواه. انتهى. وقال ابن عطية : هي قراءة شاذة غير متوجهة ، وكأنه أراد كسرها ، ثم توهم الحبك قراءة الضم بعد أن كسر الحاء وضم الباء ، وهذا على تداخل اللغات ، وليس في كلام العرب هذا البناء. انتهى.
__________________
(١) سورة هود : ١١ / ٦٥.
(٢) سورة النبأ : ٧٨ / ١٢.