وعلى هذا تأول النحاة هذه القراءات ، والأحسن عندي أن تكون مما اتبع فيه حركة الحاء لحركة ذات في الكسرة ، ولم يعتد باللام الساكنة ، لأن الساكن حاجز غير حصين.
وجواب القسم : (إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) ، والظاهر أنه خطاب عام للمسلم والكافر ، كما أن جواب القسم السابق يشملهما ، واختلافهم كونهم مؤمنا بالرسول صلىاللهعليهوسلم وكتابه وكافرا. وقال ابن زيد : خطاب للكفرة ، فيقولون : ساحر شاعر كاهن مجنون ، وقال الضحاك : قول الكفرة لا يكون مستويا ، إنما يكون متناقضا مختلفا. وقيل : اختلافهم في الحشر ، منهم من ينفيه ، ومنهم من يشك فيه. وقيل : اختلافهم : إقرارهم بأن الله تعالى أوجدهم وعبادتهم غيره والأقوال التي يقولونها في آلهتهم.
(يُؤْفَكُ) : أي يصرف عنه ، أي عن القرآن والرسول ، قاله الحسن وقتادة. (مَنْ أُفِكَ) : أي من صرف الصرف الذي لا صرف أشد منه وأعظم لقوله : لا يهلك على الله إلا هالك. وقيل : من صرف في سابق علم الله تعالى أنه مأفوك عن الحق لا يرعوي. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون الضمير لما توعدون ، أو للذي أقسم بالسماء على أنهم في قول مختلف في وقوعه ، فمنهم شاك ومنهم جاحد. ثم قال : يؤفك عن الإقرار بأمر القيامة من هو المأفوك. وقيل : المأفوك عنه محذوف ، وعن هنا للسبب ، والضمير عائد على (قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) ، أي يصرف بسببه من أراد الإسلام بأن يقول : هو سحر هو كهانة ، حكاه الزهراوي والزمخشري ، وأورده على عادته في إبداء ما هو محكي عن غيره أنه مخترعه. وقال ابن عطية : ويحتمل أن يعود على (قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) ، والمعنى : يصرف عنه بتوفيق الله إلى الإسلام من غلبت سعادته ، وهذا على أن يكون في قول مختلف للكفار ، إلا أن عرف الاستعمال في إفكه الصرف من خير إلى شر ، فلذلك لا تجده إلا في المذمومين. انتهى ، وفيه بعض تلخيص. وقرأ ابن جبير وقتادة : من أفك مبنيا للفاعل ، أي من أفك الناس عنه ، وهم قريش. وقرأ زيد بن علي : يأفك عنه من أفك ، أي يصرف الناس عنه من هو مأفوك في نفسه. وعنه أيضا : يأفك عنه من أفك ، أي يصرف الناس عنه من هو أفاك كذاب. وقرىء : يؤفن عنه من أفن بالنون فيهما ، أي يحرمه من حرم من أفن الضرع إذا نهكه حلبا.
(قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) : أي قتل الله الخراصين ، وهم المقدرون ما لا يصح. (فِي غَمْرَةٍ) : في جهل يغمرهم ، (ساهُونَ) : غافلون عن ما أمروا به. (أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) : أي متى وقت الجزاء؟ سؤال تكذيب واستهزاء ، وتقدمت قراءة من كسر الهمزة في قوله : (أَيَّانَ