مُرْساها) (١) ، و (أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) ، فيكون الظرف محلا للمصدر ، وانتصب يومهم بمضمر تقديره : هو كائن ، أي الجزاء ، قاله الزجاج ، وجوزوا أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، أي هو يومهم ، والفتحة فتحة بناء لإضافته إلى غير متمكن ، وهي الجملة الاسمية. ويؤيده قراءة ابن أبي عبلة والزعفراني. (يَوْمَ هُمْ) بالرفع ، وإذا كان ظرفا جاز أن تكون الحركة فيه حركة إعراب وحركة بناء ، وتقدم الكلام على إضافة الظرف المستقبل إلى الجملة الاسمية في غافر في قوله تعالى : (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ) (٢). وقال بعض النحاة : يومهم بدل من (يَوْمُ الدِّينِ) ، فيكون هنا حكاية من كلامهم على المعنى ، ويقولون ذلك على سبيل الاستهزاء. ولو حكى لفظ قولهم ، لكان التركيب : يوم نحن على النار يفتنون. (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ) : أي يقال لهم ذوقوا. (هذَا الَّذِي) : مبتدأ وخبر. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون هذا بدلا من فتنتكم ، أي ذوقوا هذا العذاب. انتهى ، وفيه بعد ، والاستقلال خير من البدل. ومعنى تفتنون : تعذبون في النار.
ولما ذكر حال الكفار ، ذكر حال المؤمنين ، وانتصب آخذين على الحال ، أي قابليه راضين به ، وذلك في الجنة. وقال ابن عباس : (آخِذِينَ) : أي في دنياهم ، (ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) من أوامره ونواهيه وشرعه ، فالحال محكية لتقدمها في الزمان على كونهم في الجنة. والظاهر أن (قَلِيلاً) ظرف ، وهو في الأصل صفة ، أي كانوا في قليل من الليل. وجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف ، أي كانوا يهجعون هجوعا قليلا ، وما زائدة في كلا الإعرابين. وفسر أنس بن مالك ذلك فقال : كانوا يتنفلون بين المغرب والعشاء ، ولا يدل لفظ الآية على الاقتصار على هذا التفسير. وقال الربيع بن خيثم : كانوا يصيبون من الليل حظا. وقال مطرف ، ومجاهد ، وابن أبي نجيح : قل ليلة أتت عليهم هجوعا كلها. وقال الحسن : كابدوا قيام الليل لا ينامون منه إلا قليلا. وقال الضحاك : (كانُوا قَلِيلاً) ، أي في عددهم ، وثم خبر كان ، ثم ابتدأ (مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ) ، فما نافية ، وقليلا وقف حسن ، وهذا القول فيه تفكيك للكلام ، وتقدم معمول العامل المنفي بما على عامله ، وذلك لا يجوز عند البصريين ، ولو كان ظرفا أو مجرورا. وقد أجاز ذلك بعضهم ، وجاء في الشعر قوله :
إذا هي قامت حاسرا مشمعلة |
|
يحسب الفؤاد رأسها ما تقنع |
__________________
(١) سورة الأعراف : ٧ / ١٨٧ ، وسورة النازعات : ٧٩ / ٤٢.
(٢) سورة غافر : ٤٠ / ١٦.