أيضا : لتناهم بفتح اللام. قال سهل : لا يجوز فتح اللام من غير ألف بحال ، وأنكر أيضا آلتناهم بالمد ، وقال : لا يروى عن أحد ، ولا يدل عليها تفسير ولا عربية ، وليس كما ذكر ، بل قد نقل أهل اللغة آلت بالمد ، كما قرأ ابن هرمز. وقرىء : وما ولتناهم ، ذكره ابن هارون. قال ابن خالويه : فيكون هنا الحرف من لات يليت ، وولت يلت ، وألت يألت ، وألات يليت ، ويؤلت ، وكلها بمعنى نقص. ويقال : ألت بمعنى غلظ. وقام رجل إلى عمر رضياللهعنه فوعظه ، فقال رجل : لا تألت أمير المؤمنين ، أي لا تغلظ عليه. والظاهر أن الضمير في ألتناهم عائد على المؤمنين. والمعنى : أنه تعالى يلحق المقصر بالمحسن ، ولا ينقص المحسن من أجره شيئا ، وهذا تأويل ابن عباس وابن جبير والجمهور. وقال أبي زيد : الضمير عائد على الأبناء. (مِنْ عَمَلِهِمْ) : أي الحسن والقبيح ، ويحسن هذا الاحتمال قوله : (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) : أي مرتهن وفيه ، (وَأَمْدَدْناهُمْ) : أي يسرنا لهم شيئا فشيئا حتى يكر ولا ينقطع. (يَتَنازَعُونَ فِيها) أي يتعاطون ، قال الأخطل :
نازعته طيب الراح الشمول وقد |
|
صاح الدجاج وحانت وقعة الساري |
أو يتنازعون : يتجاذبون تجاذب ملاعبة ، إذ أهل الدنيا لهم في ذلك لذة ، وكذلك في الجنة. وقرأ الجمهور : (لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) ، برفعهما ؛ وابن كثير ، وأبو عمرو : بفتحهما ، واللغو : السقط من الكلام ، كما يجري بين شراب الخمر في الدنيا. والتأثيم : الإثم الذي يلحق شارب الخمر في الدنيا. (غِلْمانٌ لَهُمْ) : أي مماليك. (مَكْنُونٌ) : أي في الصدف ، لم تنله الأيدي ، قاله ابن جبير ، وهو إذ ذاك رطب ، فهو أحسن وأصفى. ويجوز أن يراد بمكنون : مخزون ، لأنه لا يخزن إلا الغالي الثمن. والظاهر أن التساؤل هو في الجنة ، إذ هذه كلها معاطيف بعضها على بعض ، أي يتساءلون عن أحوالهم وما نال كل واحد منهم ؛ ويدل عليه (فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا) : أي بهذا النعيم الذي نحن فيه. وقال ابن عباس : تساؤلهم إذا بعثوا في النفخة الثانية ، حكاه الطبري عنه. (مُشْفِقِينَ) : رقيقي القلوب ، خاشعين لله. وقرأ أبو حيوة : ووقانا بتشديد القاف ، والسموم هنا النار ؛ وقال الحسن : اسم من أسماء جهنم. (مِنْ قَبْلُ) : أي من قبل لقاء الله والمصير إليه. (نَدْعُوهُ) نعبده ونسأله الوقاية من عذابه ، (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ) : المحسن ، (الرَّحِيمُ) : الكثير الرحمة ، إذا عبد أثاب ، وإذا سئل أجاب. أو (نَدْعُوهُ) من الدعاء. وقرأ الحسن وأبو جعفر ونافع والكسائي : أنه بفتح الهمزة ، أي لأنه ، وباقي السبعة : إنه بكسر الهمزة ، وهي قراءة الأعرج وجماعة ، وفيها معنى التعليل.